المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

26- للذين أحسنوا بالاستجابة لدعوة الله ، فآمنوا وعملوا الخير لدينهم ودنياهم ، لهم المنزلة الحسنى في الآخرة وهي الجنة ، ولهم زيادة على ذلك فضلا من الله وتكريماً ، ولا يغشى وجوههم كآبة من همّ وهوان ، وهؤلاء هم أهل الجنة الذين ينعمون فيها أبداً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

قوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، أي : للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى ، وهي الجنة ، وزيادة : وهي النظر إلى وجه الله ، هذا قول جماعة من الصحابة ، منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وحذيفة ، وأبو موسى ، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم ، وهو قول الحسين ، وعكرمة ، وعطاء ، ومقاتل ، والضحاك ، والسدي . أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاء ، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصنعائي ، حدثنا الأسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت - يعني البناني - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ، قالوا : ما هذا الموعود ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويجرنا من النار ؟ قال : فيرفع الحجاب فينظرون إلى وجه الله عز وجل . قال : فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إليه " . وروي عن ابن عباس : أن الحسنى هي : أن الحسنة بمثلها والزيادة هي التضعيف عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف . وقال مجاهد : الحسنى : حسنة مثل حسنة ، والزيادة المغفرة والرضوان . { ولا يرهق } ، لا يغشى { وجوههم قتر } ، غبار ، جمع قترة . قال ابن عباس وقتادة : سواد الوجه ، { ولا ذلة } ، هوان . قال قتادة : كآبة . قال ابن أبي ليلى : هذا بعد نظرهم إلى ربهم . { أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { لّلّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَىَ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلّةٌ أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : للذين أحسنوا عبادة الله في الدنيا من خلقه فأطاعوه فيما أمر ونَهَى الحُسْنَى .

ثم اختلف أهل التأويل في معنى الحسنى والزيادة اللتين وعدهما المحسنين من خلقه ، فقال بعضهم : الحسنى : هي الجنة ، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء ، والزيادة عليها النظر إلى الله تعالى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن أبي بكر الصدّيق : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

حدثنا سفيان ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن سعيد بن نمران ، عن أبي بكر : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه الله تعالى .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، قال : في هذه الآية : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الزيادة : النظر إلى وجه الرحمن .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا شريك ، قال : سمعت أبا إسحاق يقول في قول الله : وَزِيادة قال : النظر إلى وجه الرحمن .

حدثني عليّ بن عيسى ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا أبو بكر الهذليّ ، قال : سمعت أبا تميمة الهجيمي يحدّث عن أبي موسى الأشعري ، قال : إذا كان يوم القيامة بعث الله إلى أهل الجنة مناديا ينادي : هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ فينطرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة ، فيقول : نعم ، فيقول : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ النظر إلى وجه الرحمن .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، قال : أخبرنا أبو تميمة الهجيمي ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة يقول : إن الله يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة ، فيقول : يا أهل الجنة هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ فينظرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة ، فيرون الحليّ والحلل والثمار والأنهار والأزواج المطهرة ، فيقولون : نعم ، قد أنجزنا الله ما وعدنا . ثم يقول الملك : هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ ثلاث مرّات ، فلا يفقدون شيئا مما وعدوا ، فيقولون : نعم ، فيقول : قد بقي لكم شيء ، إن الله يقول : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ ألا إن الحسنى الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني شبيب ، عن أبان ، عن أبي تميمة الهجيمي : أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله يَبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ مُنادِيا يُنادِي أهْلَ الجَنّة بصَوْتٍ يُسْمِعُ أوّلَهُمْ وآخِرَهُمْ : إنّ اللّهَ وَعَدَكُمُ الحُسْنَى وَزِيادَةٌ ، فالحُسْنَى الجَنّةُ ، والزّيادَةُ النّظَرُ إلى وَجْهِ الرّحْمَنِ » .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم . وقرأ : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ قال : بعد النظر إلى وجه ربهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سليمان بن المُغيرة ، قال : أخبرنا ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قوله : وَزِيادَةٌ قال : قيل له : أرأيت قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ ؟ قال : إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم قال : نودوا يا أهل الجنة إن الله قد وعدكم الزيادة ، فيتجلى لهم . قال ابن أبي ليلى : فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم ، وحين صارت الصحف في أيمانهم ، وحين جاوزوا جسر جهنم ودخلوا الجنة ، وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم ؟ كل ذلك لم يكن شيئا فيما رأوا .

قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر وسليمان بن المُغيرة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

قال : حدثنا الحجاج ومعلى بن أسد ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال لهم : إنه قد بقي من حقكم شيء لم تُعْطَوْه . قال : فيتجلّى لهم تبارك وتعالى . قال : فيصغر عندهم كلّ شيء أُعْطُوه . قال : ثم قال : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الحسنى : الجنة ، والزيادة ، : النظر إلى وجه ربهم ، ولا يَرهَق وجوههم قَتر ولا ذلة بعد ذلك .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ النظر إلى وجه الله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قول الله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ النظر إلى الربّ .

حدثنا عمرو بن عليّ وحمد بن بشار ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةَ وأهْلُ النّارِ النّارَ ، نُودُوا : يا أهْلَ الجَنّةِ ، إنّ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ مَوْعِدا قالُوا : ما هُوَ ؟ ألَمْ تُبَيّضْ وُجُوهَنا ، وَتُثَقّلْ مَوَازِينَنا ، وَتُدْخِلُنا الجَنّةَ ، وَتُنَجّنا مِنَ النّارِ ؟ فَيُكْشَفُ الحِجَابُ ، فَيَتَجَلّى لَهُمْ فوَاللّهِ ما أعْطاهُمْ شَيْئا أحَبّ إلَيْهِمْ منَ النّظَرِ إلَيْهِ » ولفظ الحديث لعمرو .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قالَ : «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةَ وأهْلُ النّارِ النّارَ ، نادَى مُنادِ : يا أهْلَ الجَنّةِ ، إنّ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ مَوْعِدا يُرِيدُ أنْ يُنْجِزَكُموهُ فَيَقُولُونَ : ومَا هُوَ ؟ ألَمْ يُثَقّلِ اللّهُ مَوَازِينَنا ، وَيُبَيّضْ وُجوهَنا ؟ » ثم ذكر سائر الحديث نحو حديث عمرو بن عليّ وابن بشار ، عن عبد الرحمن .

قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن نمران ، عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى .

قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ بلغنا أن المؤمنين لما دخلوا الجنة ناداهم مناد : إن الله وعدكم الحسنى وهي الجنة وأما الزيادة : فالنظر إلى وجه الرحمن .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن كعب بن عجرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : تعالى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : «الزّيَادَةُ : النّظَرُ إلى وَجْهِ الرحمن تَبَارك وتَعَالَى » .

قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن عبد الرحمن بن سابط ، قال : الحسنى : النضرة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله تعالى .

حدثنا ابن البرقى ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية ، قال : حدثنا أبيّ بن كعب : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : «الحُسْنَى : الجَنّةُ والزّيادَةُ : النّظَرُ إلى وَجْهِ الله » .

وقال آخرون في الزيادة بما :

حدثنا به يحيى بن طلحة ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن الحكم ، عن عليّ رضي الله عنه : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الزيادة : غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن الحكم ، عن علي رضي الله عنه ، نحوه ، إلا أنه قال : فيها أربعة أبواب .

قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم بن عتيبة ، عن عليّ رضي الله عنه ، مثل حديث يحيى بن طلحة ، عن فضيل سواء .

وقال آخرون : الحسنى واحدة من الحسنات بواحدة ، والزيادة : التضعيف إلى تمام العشر . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : هو مثل قوله : وَلَدَيْنا مَزِيدٌ يقول : يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فضله . وقال : مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالهَا وَمَنْ جاءَ بالسّيّئَةِ فَلا يُجْزَى إلاّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُون .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن علقمة بن قيس : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : قلت : هذه الحسنى ، فما الزيادة ؟ قال : ألم تر أن الله يقول : مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِهَا

حدثنا بشر ، قال : يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان الحسن يقول في هذه الآية : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الزيادة : بالحسنة عشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف .

وقال آخرون : الحسنى : حسنة مثل حسنة ، والزيادة : زيادة مغفرة من الله ورضوان . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى مثلها حسنى وزيادة مغفرة ورضوان .

وقال آخرون : الزيادة ما أعطوا في الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الحسنى : الجنة ، وزيادة : ما أعطاهم في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة . وقرأ وآتَيْنَاهُ أجْرَهُ في الدّنْيا قال : ما آتاه مما يحبّ في الدنيا عجّل له أجره فيها .

وكان ابن عباس يقول في قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى بما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى يقول : للذين شهدوا أن لا إله إلا الله .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إياه الجنة وأن تبيض وجوههم ، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها ، ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه ، وأن يعطيهم غرفا من لاَلىء ، وأن يزيدهم غفرانا ورضوانا كلّ ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته . وعمّ ربنا جلّ ثناؤه بقوله : وَزِيادَةٌ الزيادات على الحسنى ، فلم يخصص منها شيئا دون شيء ، وغير مستنكر من فضل الله أن يجمع ذلك لهم ، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله . فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يعمّ كما عمه عزّ ذكره .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ أُولئكَ أصحَابُ الجَنّةِ هُمْ فِيها خالدُونَ .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ لا يغشى وجوههم كآبة ولا كسوف حتى تصير من الحزن كأنما علاها قتر . والقتر : الغبار وهو جمع قترة ، ومنه قول الشاعر :

مُتَوّجٌ برداءِ المُلْكِ يَتْبَعُهُ *** مَوْجٌ تَرى فَوْقَهُ الرّاياتِ والقَتْرِا

يعني بالقتر : الغبار . وَلا ذِلّةٌ . ولا هوان . أولَئِكَ أصْحَابُ الجَنّةِ يقول هؤلاء الذين وصفت صفتهم هم أهل الجنة وسكانها ومن هُمْ فيها خَالِدُون يقول هم فيها ماكثون أبدا لا تبيد فيخافوا زوال نعيمهم ، ولا هم بمخرجين فتتنغص عليهم لذتهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ ما :

حدثنا محمد بن منصور الطوسى ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ قال : بعد نظرهم إلى ربهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ومعلى بن أسد ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، بنحوه .

حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ قال : سواد الوجوه .