ثم قسم سبحانه أهل الدعوة على قسمين وبين حال كل طائفة فقال : { للذين أحسنوا } بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الإيمان والأعمال والكف عما نهاهم عنه من المعاصي وقيل للذين شهدوا أن لا إله إلا الله { الحسنى } أي المثوبة الحسنى وإن كان معه ذنوب ، فعصاة المؤمنون داخلون في هذا ، وقال ابن الأنباري : الحسنى في اللغة تأنيث الأحسن ، والعرب توقع هذه اللفظة على الخصلة المحبوبة المرغوب فيها ولذلك ترك موصوفها وقيل المراد بالحسنى الجنة .
{ وزيادة } قيل المراد بها ما يزيد على المثوبة من التفضل كقوله : { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله } وقيل الزيادة النظر إلى وجهه الكريم ، وبه قال جماعة من الصحابة منهم أبو بكر الصديق وحذيفة وأبو موسى الأشعري وعبادة ابن الصامت وبه قال الحسن وعكرمة والضحاك ومقاتل والسدي .
وقيل الزيادة هي مضاعفة الحسنة على عشر أمثالها على سبعمائة ضعف ، وقيل الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة ، لها أربعة أبواب ، قاله علي ابن أبي طالب ، وقيل الزيادة مغفرة من الله ورضوان قاله مجاهد وقيل هي ما يعطيهم سبحانه في الدنيا من فضله لا يحاسبهم عليه يوم القيامة قاله ابن زيد وقيل غير ذلك مما لا فائدة في ذكره .
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وغيرهم عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ثم قال : { إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار ؟ قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم ) {[931]} .
وفي لفظ من حديث أبي موسى مرفوعا : الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمان أخرجه الدارقطني وابن جرير وغيرهما وروي مثله عن جماعة من الصحابة مرفوعا بطرق ، وقد روي عن التابعين ومن بعدهم روايات في تفسير الزيادة غالبها أنها النظر إلى وجه الله سبحانه وقد ثبت التفسير بذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق حينئذ لقائل مقال ولا التفات إلى المجادلات الواقعة بين المتمذهبة الذين لا يعرفون من السنة المطهرة ما ينتفعون به ، فإنهم لو عرفوا ذلك لكفوا عن كثير من هذيانهم والله المستعان .
{ ولا يرهق } الرهق الغشيان ، وقيل أصله المقاربة ، وقيل معناه يلحق ومنه قيل غلام مراهق إذا لحق بالرجال ، وقيل يعلو والمعاني متقاربة والمعنى لا يغشى { وجوههم قتر } هو غبار معه سواد وقيل سواد الوجه واحدة قترة وقيل هو الدخان ومنه غبار القدر ، وقيل التقليل ومنه ولم يقتروا ومنه على المقتر قدره ، وقيل الكآبة .
{ ولا ذلة } هي ما يظهر على الوجه من الخضوع والانكسار والهوان ، يعني لا يعلو وجوههم غبرة فيها هوان وقال مجاهد في الآية : خزي ، وعن صهيب عنه صلى الله عليه وسلم قال : هذا بعد نظرهم إليه عز وجل ، أخرجه أبو الشيخ والجملة مستأنفة أو في محل نصب على الحال قاله أبو البقاء .
وهذا ليس بجائز لأن المضارع متى وقع حالا منفيا بلا امتنع دخول واو الحال عليه كالمثبت أو في محل الرفع نسقا على الحسنى ، والتقدير وأن لا يرهق أي وعدم رهقهم .
{ أولئك } أي المتصفون بالصفات السابقة هم { أصحاب الجنة هم فيها خالدون } أي المتنعمون بأنواع نعمها لا يخرجون منها أبدا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.