الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

قوله : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة{[30828]} }إلى قوله { خالدون }[ 26-27 ] والمعنى{[30829]} : للذين أحسنوا عبادة الله عز وجل في الدنيا الحسنى وهي الجنة ، ( وزيادة ) ، يعني : النظر إلى وجهه جل ذكره ، روي ذلك ( عن ) عامر بن سعد{[30830]} عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه{[30831]} .

وروى صهيب{[30832]} أن رسول الله{[30833]} قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار نادى مناد{[30834]} : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا ، يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : ما هو ؟ ألم يثقل الله موازيننا ، ويبيض{[30835]} وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، وينجنا من النار . فيكشف الحجاب ، وينظرون إليه{[30836]} جل ذكره . قال : فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من ذلك ){[30837]} .

وهذا القول قول أبي موسى الأشعري{[30838]} ، وحذيفة{[30839]} ، قاله ابن أبي ليلى{[30840]} ،

وغيرهم : ( إن الزيادة ) : النظر إلى وجه الله تعالى{[30841]} ، وذكر كل واحد حديثا ( مثل ) معنى الحديث المذكور عن النبي عليه السلام{[30842]} .

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه{[30843]} : الزيادة غرفة{[30844]} من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب{[30845]} ، وقاله{[30846]} النخعي{[30847]} .

وقال ابن عباس : الحسنى واحدة{[30848]} من الحسنات بواحدة ، والزيادة : التضعيف إلى تمام العشرة على الواحدة . وهو مثل قوله : { ولدينا مزيد }{[30849]} : أي : يزيده من فضله{[30850]} .

وقال الحسن : الزيادة هو المجازاة بالحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف{[30851]} .

وقال مجاهد : الحسنة{[30852]} بحسنة ، وزيادة مغفرة من الله ورضوان{[30853]} .

وقيل : الزيادة{[30854]} : ما أعطاهم الله عز وجل{[30855]} في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة{[30856]} .

وقال{[30857]} ابن سيرين{[30858]} في قوله تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }{[30859]} : إنه النظر إلى النظر{[30860]} جل ذكره .

وعن ابن عباس أيضا : { أحسنوا } قالوا : لا إله إلا الله{[30861]} ، { الحسنى } : الجنة .

( وروى أبو موسى الأشعري أن النبي عليه السلام{[30862]} قال : إن الله عز وجل{[30863]} يبعث يوم القيامة مناديا ينادي أهل الجنة بصوت يسمع به أولهم وآخرهم : إن الله وعدكم الحسنى وزيادة . فالحسنى الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه{[30864]} الله{[30865]} .

وقوله : { ولا يرهق وجوههم قتر }[ 26 ] : أي لا تغشى وجوههم كآبة والقتر : الغبار وهو جمع قترة{[30866]} .

وقيل{[30867]} : هو الغبار الذي معه سواد ، روي{[30868]} ذلك عن ابن عباس .

وقال ابن أبي ليلى : ولا يغشاهم ذلك بعد نظرهم إلى الله سبحانه{[30869]} : فهؤلاء الذين هذه صفتهم هم أصحاب الجنة ، ماكثون فيها أبدا .

وقيل : الهاء في ( فيها ) للحسنى ، وقيل : للزيادة ، وقيل : للحسنى ، والزيادة ، والجنة{[30870]} .


[30828]:ط: ولا يرهق وجوههم قتر، ولا ذلة.
[30829]:ط: المعنى.
[30830]:هو عامر بن سعد البجلي تابعي، ثقة، له في الصحيح حديث واحد، وروايته عن أبي بكر مرسلة، مترجم ي التهذيب.
[30831]:انظر هذا الأثر في: معاني الفراء 1/462، وجامع البيان 11/62-63، وزاد نسبته في المحرر 9/33 إلى حذيفة، وأبي موسى الأشعري، وابن أبي ليلى، وورد في الطبري مرويا عن أبي بكر مرسلا، حيث علق عليه الشيخ شاكر بقوله: وهذا الأثر في إسناده نظر. وانظر هامش جامع البيان: 15/63.
[30832]:هو أبو يحيى صهيب بن سنان بن عبد عمرو، صحابي، جليل القدر، كان روميا فأسلم في دار الأرقم، شهد بدرا والمشاهد بعدها {ت:38 هـ). انظر سيرة ابن هشام 1/279، الإصابة 5/162.
[30833]:ط: صم.
[30834]:ط: مناديا.
[30835]:ق: أو يبيض.
[30836]:ساقط من ط.
[30837]:هذا الحديث رواه أبو داود الطيالسي في مسنده رقم 1315 عن حماد بن سلمة. ورواه عن صهيب، الإمام أحمد في مسنده 4/333، وابن ماجه في سننه 1/67 في المقدمة/ باب فيما أنكرت الجهمية والترمذي في سننه. انظر: تحفة الأحوذي 8/522 تفسير سورة يونس رقم 5103.
[30838]:هو عبد الله بن قيس الصحابي المعروف روي له 355 حديثا (ت:50هـ) انظر: طبقات ابن سعيد 4/105، والحلية 1/256، والإصابة 4889.
[30839]:هو أبو عبد اله حذيفة بن اليمان عرف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم (ت:36) بعد مقتل عثمان. انظر: الاستيعاب 1/324.
[30840]:هو أبو يحيى الأنصاري عبد الرحمن: تابعي، قيه، مقرئ، روى عن: علي، والشعبي، وحدث عنه الثوري، وآخرون (ت:83) انظر: تاريخ الثقات 407، والغاية 1/376.
[30841]:ط: سبحانه.
[30842]:ط: صم. وهي أيضا أقوال: عامر بن سعد، وقتادة، وعبد الرحمن بن سابط، انظرها في: جامع البيان 15/64...69، وروي هذا الخبر مرفوعا عن: كعب بن عجرة، وأبيبن كعب. انظر الهامش السابق، وعزاه في: الجامع 8/210 إلى: عبادة بن الصامت، وابن عباس، وجماعة من التابعين.
[30843]:ساقط من ط.
[30844]:ط: مطموس من (غرفة) إلى: (أبواب).
[30845]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/69.
[30846]:ط: قاله.
[30847]:هو أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن الأسود الفقيه الكوفي المشهور (ت:96) انظر تذكرة الحفاظ 74 والغاية 1/30.
[30848]:ط: مطموس.
[30849]:ق: 35.
[30850]:وهو قول ابن عباس في: جامع البيان 15/70.
[30851]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/70، وهو تضمين لقوله تعالى: من سورة البقرة الآية 260 {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل جبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}.
[30852]:ق: حسنة.
[30853]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/70.
[30854]:ط: الزيادة هو.
[30855]:ساقط من ق.
[30856]:وهو قول ابن زيد في: جامع البيان 15/71، والجامع 8/211.
[30857]:ط: قال.
[30858]:هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري، إمام، تابعي، فقيه، مفسر، عرف بتعبير الرؤيا. روى عن عائشة، وزيد، وحدث عنه الشعبي، وقتادة (ت: 110) انظر تاريخ الثقات 407، والغاية 2/151.
[30859]:السجدة: 17.
[30860]:ط: وجهه
[30861]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/71.
[30862]:ط: صم.
[30863]:ساقط من ق.
[30864]:ط: وجهه.
[30865]:هذا الأثر أخرجه الطبري في: جامع البيان 15/65، وعلق عليه الشيخ شاكر بقوله: هو هالك الإسناد، وعزا ذلك لوجود أبان بن أبي عياش فيروز صمن رجاله، وهو تابعي، روى عن أنس، لكنه ضعيف، فيه غفلة، رغم صلاحه. وانظره أيضا في: كنز العمال 1/410.
[30866]:انظر: مجاز القرآن 1/277 وجامع البيان 15/72.
[30867]:انظر هذا القول في: معاني الزجاج3/15، واللسان: قتر.
[30868]:ق: وروي.
[30869]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/73.
[30870]:ق: الجنة وزيادة.