1- سورة " الزلزلة " وتسمى –أيضاً- سورة " إذا زلزلت " وسورة " الزلزال " من السور المكية ، وقيل : هي من السور المدنية .
قال الآلوسي : هي مكية في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ، ومدنية في قول مقاتل وقتادة .
ويبدو لنا أن القول بكونها مكية أرجح ؛ لأن الحديث عن أهوال يوم القيامة ، يكثر في السور المكية ، ولأن بعض المفسرين –كالإمام ابن كثير- قد اقتصر على كونها مكية ، ولم يذكر في ذلك خلافا .
وعدد آياتها ثماني آيات في المصحف الكوفي ، وتسع آيات في غيره . وسبب ذلك اختلافهم في قوله –تعالى- : [ يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ] هل هو آيتان أو آية واحدة .
2- والسورة الكريمة من أهم مقاصدها : إثبات أن يوم القيامة حق وبيان ما اشتمل عليه من أهوال ، وتأكيد أن كل إنسان سيجازى على حسب عمله في الدنيا . .
قوله - تعالى - : { زُلْزِلَتِ } أى : حركت تحريكا شديدا لا يعلم مقداره إلا الله - تعالى - ، إذ الزلزال : الحركة الشديدة مع الاضطراب ، وهو بفتح الزاى اسم لذلك ، وبكسرها مصدر بمعنى التحرك والاضطراب ، وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً } ويكون هذا الزلزال الشديد ، عندما يأذن الله - تعالى - بقيام الساعة ، ويبعث الناس للحساب .
وافتتح - سبحانه - الكلام بظرف الزمان { إذا } ، لإِفادة تحقق وقوع الشرط .
وقوله : { زِلْزَالَهَا } مصدر مضاف لفاعله . أى : إذا زلزلت الأرض زلزالها الذى لا يماثله زلزال آخر فى شدته وعظمته وهوله ، كما قال - تعالى - : { ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَيْءٌ عَظِيمٌ }
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا سعيد ، حدثنا عياش بن عباس ، عن عيسى بن هلال الصَّدفي ، عن عبد الله بن عمرو قال : أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقرئني يا رسول الله . قال{[1]} له : " اقرأ ثلاثا من ذات الر " . فقال له الرجل : كبر سني واستد{[2]} قلبي ، وغَلُظ لساني . قال : " فاقرأ من ذات{[3]} حم " ، فقال مثل مقالته الأولى . فقال : " اقرأ ثلاثا من المسبحات " ، فقال مثل مقالته . فقال الرجل : ولكن أقرئني - يا رسول الله - سورة جامعة . فأقرأه : ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا ) حتى إذا فرغ منها قال الرجلُ : والذي بعثك بالحق ، لا أزيد عليها أبدًا . ثم أدبر الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفلح الرويجل ! أفلح الرويجل ! " ثم قال : " عَلَيّ به " . فجاءه فقال له : " أمرْتُ بيوم الأضحى جعله الله عيدا لهذه الأمة " . فقال له الرجل : أرأيت إن لم أجد إلا مَنيحَة أنثى فأضحي بها ؟ قال : " لا ، ولكنك تأخذ من شعرك ، وتقلم أظفارك ، وتقص شاربك ، وتحلق عانتك ، فذاك تمام أضحيتك عند الله ، عز وجل " .
وأخرجه أبو داود والنسائي ، من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ{[4]} به{[5]} .
وقال الترمذي : حدثنا محمد بن موسى الحَرشي البصري : حدثنا الحسن بن سلْم{[6]} بن صالح العجلي ، حدثنا ثابت البُناني ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ ( إِذَا زُلْزِلَتِ ) عدلَت له بنصف القرآن " . ثم قال : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن سلم{[7]} {[8]} .
وقد رواه البزار عن محمد بن موسى الحرشي ، عن الحسن بن سلم{[9]} عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) تَعدلُ ثلث القرآن ، و ( ِذَا زُلْزِلَتِ ) تَعدلُ ربع القرآن " . هذا لفظه .
وقال الترمذي أيضا : حدثنا علي بن حُجْر ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا يمان بن المغيرة العنزي ، حدثنا عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ( إِذَا زُلْزِلَتِ ) تَعْدلُ نصف القرآن ، و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) تعدل ثلث القرآن ، و ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) تعدل ربع القرآن " . ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة{[10]} .
وقال أيضا : حدثنا عقبة بن مُكَرَّم العَمّي البصري ، حدثني ابن أبي فُدَيْك ، أخبرني سلمة بن وردان ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه : " هل تزوجت يا فلان ؟ " قال : لا ، والله يا رسول الله ، ولا عندي ما أتزوج ؟ ! قال : " أليس معك ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) " ؟ " . قال : بلى . قال : " ثلث القرآن " . قال : " أليس معك ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) ؟ " . قال : بلى . قال : " ربع القرآن " . قال : " أليس معك ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ؟ " . قال : بلى . قال : " ربع القرآن " . قال : " أليس معك ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) ؟ " . قال : بلى . قال : " ربع القرآن " تزوج ، [ تزوج ]{[11]} . ثم قال : هذا حديث حسن{[12]} .
قال ابن عباس : { إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا } أي : تحركت من أسفلها .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنّ رَبّكَ أَوْحَىَ لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ شَرّاً يَرَهُ } .
يقول تعالى ذكره : إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ لقيام الساعة زِلْزَالَهَا فرُجّت رجّا ، والزّلزال : مصدر إذا كسرت الزاي ، وإذا فتحت كان اسما ، وأضيف الزلزال إلى الأرض وهو صفتها ، كما يقال : لأكرمنك كرامتك ، بمعنى : لأكرمنك كرامة . وحَسُن ذلك في زلزالها ، لموافقتها رؤوس الاَيات التي بعدها .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : زُلْزِلَتِ الأرْضُ على عهد عبد الله ، فقال لها عبدُ الله : مالك ؟ أما إنها لو تكلّمت قامت الساعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.