الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا} (1)

قوله : { إِذَا زُلْزِلَتِ } : " إذا " شرطٌ ، وجوابُها " تُحَدِّثُ " ، وهو الناصبُ لها عند الجُمهورِ . وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ العاملُ فيها " يَصْدُرُ " ، وغيرُهم يجعلُ العاملَ فيها ما بعدَها ويَليها ، وإنْ كان معمولاً لها بالإِضافةِ تقديراً ، واختاره مكي ، وجَعَلَ ذلك نظيرَ " مَنْ " و " ما " ، يعني أنَّهما يَعْملان فيما بعدَهما الجزمَ ، وما بعدَهما يعملُ فيهما النصبَ ، ولو مثَّل بأَيّ لكان أوضحَ . وقيل : العاملُ فيها مقدَّرٌ ، أي : يُحْشَرون . وقيل : اذكُرْ ، وحينئذٍ تَخْرُج عن الظرفية والشرط .

قوله : { زِلْزَالَهَا } مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه . والمعنى : زِلْزالَها الذي تَسْتَحقه ويَقْتضيه جِرْمُها وعِظَمُها . قال الزمخشري : " ونحُوه : أكرِمِ التقيَّ إكرامَه ، وأَهِنِ الفاسِقَ إهانتَه ، أو زِلْزالَها كلَّه " ، والعامَّةُ بكسر الزايِ .

والجحدريُّ وعيسى بفتحِها . فقيل : هما مصدران بمعنى . وقيل : المكسورُ مصدرٌ ، والمفتوحُ اسمٌ . قال الزمخشري : " وليس في الأبنية فَعْلال بالفتح إلاَّ في المضاعَفِ " . قلت : وقد جَعَلَ بعضُهم المفتوحَ بمعنى اسمِ الفاعل نحو : صَلْصَال بمعنى مُصَلْصِل ، وقد تقدَّم ذلك . وقوله : " ليس في الأبنية فَعْلال " يعني غالباً ، وإلاَّ فقد وَرَدَ : " ناقةٌ خَزْعال " .