فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الزلزلة

هي ثمان آيات وهي مدنية في قول ابن عباس وقتادة ، ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال نزلت { إذا زلزلت } بالمدينة . وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ومحمد بن نصر والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقرئني يا رسول الله ، قال : اقرأ ثلاثاً من ذوات الرا ، فقال الرجل : كبر سني ، واشتد قلبي ، وغلظ لساني ، قال : اقرأ ثلاثاً من ذوات حم ، فقال مثل مقالته الأولى ، فقال : اقرأ ثلاثاً من المسبحات ، فقال مثل مقالته الأولى ، وقال : ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة ، فأقرأه { إذا زلزلت الأرض زلزالها } حتى فرغ منها ، قال الرجل : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح الرويجل ، أفلح الرويجل » . وأخرج الترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ إذا زلزلت الأرض عدلك له بنصف القرآن ، ومن قرأ : { قل هو الله أحد } عدلت له بثلث القرآن ، ومن قرأ : { قل يا أيها الكافرون } عدلت له بربع القرآن » . وأخرج الترمذي وابن الضريس ومحمد بن نصر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا زلزلت } تعدل نصف القرآن ، و{ قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن ، و{ قل يا أيها الكافرون } تعدل ربع القرآن » . قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة . وأخرج الترمذي عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه : هل زوجت يا فلان ؟ قال : لا والله يا رسول الله ، ولا عندي ما أتزوج به ، قال : أليس معك { قل هو الله أحد } قال بلى ، قال : ثلث القرآن ، قال : أليس معك { إذا جاء نصر الله والفتح } قال بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك { قل يا أيها الكافرون } ؟ قال بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك { إذا زلزلت الأرض } قال بلى ، قال : ربع القرآن تزوج » . قال الترمذي : هذا حديث حسن . وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قرأ في ليلة إذا زلزلت كان له عدل نصف القرآن » .

قوله : { إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا } أي إذا حركت حركة شديدة ، وجواب الشرط : { تحدث } ، والمراد : تحركها عند قيام الساعة فإنها تضطرب حتى يتكسر كلّ شيء عليها . قال مجاهد : وهي النفخة الأولى لقوله تعالى : { يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة * تَتْبَعُهَا الرادفة } [ النازعات : 6 ، 7 ] وذكر المصدر للتأكيد ثم أضافه إلى الأرض فهو مصدر مضاف إلى فاعله ، والمعنى : زلزالها المخصوص الذي يستحقه ويقتضيه جرمها وعظمها . قرأ الجمهور : { زِلْزَالَهَا } بكسر الزاي ، وقرأ الجحدري وعيسى بفتحها ، وهما مصدران بمعنى . وقيل : المكسور مصدر والمفتوح اسم . قال القرطبي : والزلزال بالفتح مصدر كالوسواس والقلقال .

/خ7