تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا} (1)

مقدمة السورة:

سورة{[1]} الزلزلة مكية{[2]}

بسم الله الرحمان الرحيم /650 ب/

الآية1 : قوله تعالى : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } قد ذكرنا أن حرف { إذا } يذكر عن سؤال سبق منهم ، كأنهم سألوا عن الوقت الذي كانوا يوعدون فيه ، وإن لم يذكر السؤال ؛ لأنه قد يكون في الجواب بيان السؤال ، وفي السؤال بيان الجواب ، وإن لم يذكر . فعند ذلك قال : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } أخبرهم عن أحوال يوم القيامة والحساب ، ولم يخبرهم عن وقتها ، وقد ذكر في غير موضع .

ثم قوله تعالى : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } أي حركت الأرض تحريكا شديدا لهول ذلك اليوم ، وهو يخرج على وجهين : أحدهما : جائز أن تكون تتزلزل ، وتحرك حتى تلقي ما ارتفع منها من الجبال الرواسي في الأودية حتى تستوي الأرض ، فلا يبقى فيها هبوط ولا صعود ، كقوله تعالى : { لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } ( طه : 107 ) .

( والثاني ){[23951]} : جائز أن يكون قوله : { زلزلت الأرض } أي تزلزل ، وتحرك بغير الجبال الرواسي حتى تصير كما ذكر : { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } ( القارعة : 4و5 } .

وقوله تعالى : { فجعلناه هباء منثورا } ( الفرقان : 23 ) فإذا فنيت ، وتلاشت ، بقيت الأرض مستوية على ما ذكره .

ويحتمل أن تكون تتزلزل ، وتحرك ، حتى تصير غير تلك ، كقوله تعالى : { يوم تبدل الأرض غير الأرض } الآية ( إبراهيم : 48 ) .

ويحتمل أن يكون تبديلها وتحريكها ومدها ، هو تغير صفاتها على ما ذكرنا في الوجهين الأولين .

قال الزجاج : لا تصح هذه{[23952]}القراءة ؛ لأن الزلزال من المضاعف ، إنما تكون بالخفض مصادرها ، أما الأسماء فقد{[23953]} تكون نصبا كقوله تعالى : { من صلصال } ( الحجر : 26و . . . ) ونحوه . والزلزال مصدر ، فيكون في الأصل المطرد فيه ، هو الكسر ، والنصب يكون نادرا ، والله أعلم .


[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[23951]:في الأصل وم: و
[23952]:المقصود بها: زلزال بالفتح،/ وهي قراءة عاصم الجحدري وعيسى ابن عمر بالفتح، انظر معجم القراءات القرآنية ح 8 / 218
[23953]:الفاء ساقطة من الأصل وم