فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الزلزلة

هي ثمان أو تسع آيات ، وهي مدنية في قول ابن عباس وقتادة ، ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر .

عن عبد الله بن عمرو قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : " أقرئني يا رسول الله . قال : اقرأ ثلاثا من ذوات الر . فقال الرجل : كبر سني ، واشتد قلبي ، وغلظ لساني ، قال : اقرأ ثلاثا من ذوات حم . فقال مثل مقالته الأولى ، فقال : اقرأ ثلاثا من المسبحات . فقال مثل مقالته الأولى ، وقال : ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة ، فأقرأه ( إذا زلزلت الأرض ) حتى فرغ منها ، قال الرجل : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أفلح الرويجل ، أفلح الرويجل " . أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي ومحمد بن نصر والحاكم - وصححه - والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب .

وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ ( إذا زلزلت الأرض ) عدلت له بنصف القرآن . ومن قرأ ( قل هو الله أحد ) عدلت له بثلث القرآن ، ومن قرأ ( قل يا أيها الكافرون ) عدلت له بربع القرآن ، أخرجه الترمذي وابن مردويه والبيهقي .

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا زلزلت الأرض ) تعدل نصف القرآن . و( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن ، و( قل يا أيها الكافرون ) تعدل ربع القرآن ، أخرجه الترمذي وابن الضريس ومحمد بن نصر والحاكم - وصححه - والبيهقي ، قال الترمذي : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة .

وأخرج الترمذي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه : " هل تزوجت يا فلان ؟ قال : لا ، والله يا رسول الله ، ولا عندي ما أتزوج به ، قال : أليس معك ( قل هو الله أحد ) ؟ قال بلى ، قال : ثلث القرآن . قال : أليس معك ( إذا جاء نصر الله والفتح ) ؟ قال : بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك ( قل يا أيها الكافرون ) ؟ قال : بلى . قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك ( إذا زلزلت الأرض ) ؟ قال : بلى . قال : ربع القرآن . تزوج " . قال الترمذي : هذا حديث حسن .

وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قرأ في ليلة ( إذا زلزلت ) كان له عدل نصف القرآن " . أخرجه ابن مردويه .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا زلزلت الأرض زلزالها } أي إذا حركت حركة شديدة ، وجواب الشرط " تحدث " ، والمراد تحركها عند قيام الساعة ، فإنها تضطرب من شدة صوت إسرافيل حتى ينكسر كل شيء عليها ، قال مجاهد : وهي النفخة الأولى لقوله تعالى { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة } .

وفي " الخازن " في وقت هذه الزلزلة قولان :

( أحدهما ) وهو قول الأكثرين أنها في الدنيا ، وهي من أشراط الساعة .

( والثاني ) أنها زلزلة يوم القيامة . انتهى .

ويؤيد القول الثاني قوله تعالى :{ وأخرجت الأرض أثقالها } ، فإن الإخراج إنما هو في النفخة الثانية ، وكذا شهادتها بما وقع عليها إنما هو بعد النفخة الثانية ، وكذلك انصراف الناس من الموقف إنما يكون بعد الثانية تأمل .

وذكر المصدر للتأكيد ثم أضافه إلى الأرض ، فهو مصدر مضاف إلى فاعله ، والمعنى : زلزالها المخصوص الذي يستحقه ويقتضيه جرمها وعظمها . قرأ الجمهور زلزالها بكسر الزاي ، وقرئ بفتحها ، وهما مصدران بمعنى . وقيل : المكسور مصدر ، والمفتوح اسم . قال القرطبي : والزلزال بالفتح مصدر كالوسواس والقلقال ، قال ابن عباس في الآية : أي تحركت من أسفلها .