قوله تعالى : { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } ، عبرنا بهم { فأتبعهم } ، لحقهم وأدركهم ، { فرعون وجنوده } ، يقال : أتبعه وتبعه إذا أدركه ولحقه ، وأتبعه بالتشديد إذا سار خلفه واقتدى به . وقيل : هما واحد . { بغياً وعدواً } أي : ظلما واعتداء . وقيل : بغيا في القول وعدوا في الفعل . وكان البحر قد انفلق لموسى وقومه ، فلما وصل فرعون بجنوده إلى البحر هابوا دخوله فتقدمهم جبريل على فرس وديق وخاض البحر ، فاقتحمت الخيول خلفه ، فلما دخل آخرهم وهم أولهم أن يخرج انطبق عليهم الماء .
وقوله تعالى : { حتى إذا أدركه الغرق } ، أي : غمره الماء وقرب هلاكه ، { قال آمنت أنه } ، قرأ حمزة والكسائي إنه بكسر الألف أي : آمنت وقلت إنه . وقرأ الآخرون { أنه } بالفتح على وقوع آمنت عليها { لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } ، فدس جبريل عليه السلام في فيه من حمأة البحر .
ثم ختم - سبحانه قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون في هذه السورة الكريمة ببيان سنة من سننه التي لا تتخلف ، وهى حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة المكذبين فقال - تعالى - :
{ وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَائِيلَ البحر . . . }
قوله سبحانه - { وَجَاوَزْنَا } هو من جاوز المكان ، إذا قطعه وتخطاه وخلفه وراء ظهره وهو متعد بالباء إلى المفعول الأول الذي كان فاعلا في الأصل ، وإلى الثانى بنفسه .
والمراد بالبحر هنا : بحر القزم ، وهو المسمى الآن بالبحر الأحمر . وقوله { بَغْياً وَعَدْواً } أى ظلما واعتداء . يقال : بغى فلان على فلان بغيا ، إذا تطاول عليه وظلمه . ويقال : عدا عليه عَدْواً إذا سلبه حقه .
وهما مصدران منصوبان على الحالية بتأويل اسم الفاعل . أى : باغين وعادين . أو على المفعولية لأجله أى : من أجل البغى والعدوان .
والمعنى : وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر ، وهم تحت رعايتنا وقدرتنا ، حيث جعلناه لهم طريقا يبسا ، فساروا فيه حتى بلغوا نهايته ، فأتبعهم فرعون وجنوده لا لطلب الهداية والإِيمان ، ولكن لطلب البغى والعدوان .
قال الآلوسى : " وذلك أن الله - تعالى - لما أخبر موسى وهارون - عليهما السلام - بإجابته دعوتهما ، أمرهما بإخراج بني إسرائيل من مصر ليلا ، فخرجا بهم على حين غفلة من فرعون وملئه ، فلما أحسن بذلك ، خرج هو وجنوده على أثرهم مسرعين ، فالتفت القوم فإذا الطامة الكبرى ، وراءهم ، فقالوا يا موسى ، هذا فرعون وجنوده وراءنا . وهذا البحر أمامنا فكيف الخلاص ، فأوحى الله - تعالى - إلى موسى ، أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه فانلفق اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم ، وصار لكل سبط طريق فسلكوا ، ووصل فرعون ومن معه إلى الساحل وبنو إسرائيل قد خرجوا من البحر ومسلهكم باق على حاله ، فسلكه فرعون وجنوده ، فلما دخل آخرهم وهم أولهم بالخروج من البحر ، انطبق عليهم وغشيهم من اليم ما غشيهم " .
ثم حكى - سبحانه - ما قاله فرعون عندما نزل به قضاء الله الذي لا يرد فقال - تعالى - : { حتى إِذَآ أَدْرَكَهُ الغرق قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ المسلمين } .
أى : لقد اتبع فرعون وجنوده بنى إسرائيل بغيا وعدوا ، فانطبق عليه البحر ، ولفه تحت أمواجه ولججه ، حتى إذا أدركه الغرق وعاين الموت وأيقن أنه لا نجاة له منه ، قال آمنت وصدقت . بأنه لا معبود بحق سوى الإِله الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وأنا من القوم الذين أسلموا نفوسهم لله وحده وأخلصوها لطاعته .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيَ إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتّىَ إِذَآ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنّهُ لآ إِلَِهَ إِلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوَاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره : وقطعنا ببني إسرائيل البحر حتى جاوزوه . فَأتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ يقول : فتبعهم فرعون وَجُنُودُهُ يقال منه : أتبعته وتبعته بمعنى واحد . وقد كان الكسائي فيما ذكر أبو عبيد عنه يقول : إذا أريد أنه أتبعهم خيرا أو شرّا فالكلام «أتبعهم » بهمز الألف ، وإذا أريد اتبع أثرهم أو اقتدى بهم فإنه من «اتّبعت » مشددة التاء غير مهموزة الألف . بَغْيّا على موسى وهارون ومن معهما من قومهما من بني إسرائيل . وَعَدْوا يقول : واعتداء عليهم ، وهو مصدر من قولهم : عدا فلان على فلان في الظلم يعدو عليه عَدْوا ، مثل غزا يغزو غزوا . وقد رُوي عن بعضهم أنه كان يقرأ : «بَغْيا وَعُدُوّا » وهو أيضا مصدر من قولهم : عدا يعدو عدوّا ، مثل علا يعلو عُلُوّا . حتى إذَا أدْرَكَهُ الغَرَقُ يقول : حتى إذا أحاط به الغرق . وفي الكلام متروك قد ترك ذكره بدلالة ما ظهر من الكلام عليه وذلك : فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا فيه ، فغرّقناه حتى إذَا أدْرَكَهُ الغرق .
وقوله : قالَ آمَنْتُ أنّهُ لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرائِيلَ وأنا مِن المُسلِمِينَ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل فرعون حين أشرف على الغرق وأيقن بالهلكة : آمَنْتُ يقول : أقررت ، أنّهُ لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرائِيلَ .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأ بعضهم وهو قراءة عامة المدينة والبصرة : «أنه » بفتح الألف من «أنه » على إعمال «آمنت » فيها ونصبها به . وقرأ آخرون : «آمنت إنه » بكسر الألف من أنه على ابتداء الخبر ، وهي قراءة عامة الكوفيين .
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى ، وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب ، عن عبد الله بن شدّاد ، قال : اجتمع يعقوب وبنوه إلى يوسف ، وهم اثنان وسبعون ، وخرجوا مع موسى من مصر حين خرجوا وهم ستمائة ألف ، فلما أدركهم فرعون فرأوه ، قالوا : يا موسى أين المخرج ؟ فقد أدركنا قد كنا نلقى من فرعون البلاء ؟ فأوحى الله إلى موسى : أنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فانْفَلَقَ فَكانَ كُلّ فِرْقٍ كالطّودِ العَظِيمِ ويبس لهم البحر ، وكشف الله عن وجه الأرض ، وخرج فرعون على فرس حصان أدّهم على لونه من الدهم ثمان مئة ألف سوى ألوانها من الدوابّ ، وكانت تحت جبريل عليه السلام فرس وديق ليس فيها أنثى غيرها . وميكائيل يسوقهم ، لا يشذّ رجل منهم إلا ضمه إلى الناس . فلما خرج آخر بني إسرائيل دنا منه جبريل ولصق به ، فوجد الحصان ريح الأنثى ، فلم يملك فرعون من أمره شيئا ، وقال : أقدموا فليس القوم أحقّ بالبحر منكم ثم أتبعهم فرعون حتى إذا هم أوّلهم أن يخرجوا ارتطم ونادى فيها : آمَنْتُ أنّهُ لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ وأنا مِنَ المُسْلِمِينَ ونودي : الاَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . وعن عدّي بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : يرفعه أحدهما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : «إنّ جِبْرَائِيلَ كانَ يَدُسّ فِي فَمِ فِرْعَوْنَ الطّينَ مَخافَةَ أنْ يَقُولَ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ » .
حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء بن السائب ، عن عديّ بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : «جَعَلَ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السّلامُ يَدُسّ أوْ يَحْشُو فِي فَمِ فِرْعَوْنَ الطّينَ مخافَةَ أنْ تُدْرِكهُ الرّحْمَةُ » .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن كثير بن زاذان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «قالَ لي جِبْرَائِلُ : يا مُحَمّدُ لَوْ رأيْتَنِي وأنا أغُطّهُ وأدُسّ مِنْ حَمْئِهِ فِي فِيهِ مَخافَةَ أنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ اللّهِ فَيَغْفِرُ لَهُ » يعني فرعون .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عليّ بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «لَمّا أغْرَقَ اللّهُ فِرْعَوْنَ قالَ : آمَنْتُ أنّهُ لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ ، فقالَ جِبْرَائيلُ : يا مُحَمّدُ لَوْ رأيْتَنِي وأنا آخِذٌ مِنْ حمأةِ البَحْرِ وأدُسّهُ فِي فِيهِ مخَافَةَ أنْ تُدْرِكَهُ الرّحْمَةُ » .
حدثني المثنى ، قال : ثني عمرو ، عن حكام ، قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «لَمّا قالَ فِرْعَوْنُ لا إلهَ إلاّ اللّهُ ، جَعَلَ جِبْرَائِيلُ يَحْشُوا في فِيهِ الطّينَ وَالتّرَابَ » .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : أخبرني من سمع ميمون بن مهران يقول في قوله : آمَنْتُ أنّهُ لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ قال : أخذ جبرائيل من حمأة البحر فضرب بها فاه أو قال : ملأ بها فاه مخافة أن تدركه رحمه الله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا الحسين بن علي . عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال : خطب الضحاك بن قيس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا لذكر الله ، فلما أدركه الغرق قالَ آمَنْتُ أنّهُ لا إلَهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ وأنا مِنَ المُسْلِمِينَ قال الله : الاَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ .
قال : ثني أبي ، عن شعبة ، عن عديّ بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن فرعون لما أدركه الغرق جعل جبرائيل يحثو في فيه التراب خشية أن يغفر له .
قال : حدثنا محمد بن عبيد ، عن عيسى بن المغيرة ، عن إبراهيم التيمي ، أن جبرائيل عليه السلام قال : ما خشيت على أحد من بني آدم الرحمة إلا فرعون ، فإنه حين قال ما قال خشيت أن تصل إلى الربّ فيرحمه ، فأخذت من حمأة البحر وزبده فضربت به عينيه ووجهه .
قال : أخبرنا أبو خالد الأحمر ، عن عمر بن يعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال جبرائيل عليه السلام : لقد حشوت فاه الحمأة مخافة أن تدركه الرحمة .
{ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } أي جوزناهم في البحر حتى بلغوا الشط حافظين لهم ، وقرئ " جوزنا " وهو من فعل المرادف لفاعل كضعف وضاعف . { فأتبعهم } فأدركهم يقال تبعته حتى اتبعته . { فرعون وجنوده بغيا وعدوا } باغين وعادين ، أو للبغي والعدو وقرئ " وعدوا " . { حتى إذا أدركه الغرق } لحقه . { قال آمنت أنه } أي بأنه . { لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } وقرأ حمزة والكسائي إنه بالكسر على إضمار القوم أو الاستئناف بدلا وتفسيرا ل { آمنت } فنكب عن الإيمان أو أن القبول وبالغ فيه حين لا يقبل .
قرأ الحسن بن أبي الحسن «وجوّزنا » بشد الواو ، وطرح الألف ، ويشبه عندي أن يكون «جاوزنا » كتب في بعض المصاحف بغير ألف ، وتقدم القول في صورة جوازهم في البقرة والأعراف ، وقرأ جمهور الناس «فأتبعهم » لأنه يقال تبع وأتبع بمعنى واحد ، وقرأ قتادة والحسن «فاتّبعهم » بشد التاء ، قال أبو حاتم : القراءة «أتبع » بقطع الألف لأنها تتضمن الإدراك ، و «اتّبع » بشد التاء هي طلب الأثر سواء أدرك أو لم يدرك ، وروي أن بني إسرائيل الذين جاوزوا البحر كانوا ستمائة ألف ، وكان يعقوب قد استقر أولاً بمصر في نيف على السبعين ألفاً من ذريته فتناسلوا حتى بلغوا وقت موسى العدد المذكور ، وروي أن فرعون كان في ثمانمائة ألف أدهم حاشى ما يناسبها من ألوان الخيل ، وروي أقل من هذه الأعداد .
قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف ، والذي تقتضيه ألفاظ القرآن أن بني اسرائيل كان لهم جمع كثير في نفسه قليل بالإضافة إلى قوم فرعون المتبعين ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكوفيون وجماعة { عدواً } على مثال غزا غزاً ، وقرأ الحسن وقتادة «غزواً » على مثال علا علواً ، وقوله { أدركه الغرق } أي في البحر ، وروي في ذلك أن فرعون لما انتهى إلى البحر فوجده قد انفرق ومشى فيه بنو إسرائيل ، قال لقومه إنما انفلق بأمري وكان على فرس ذكر فبعث الله جبريل على فرس أنثى وديق{[6216]} فدخل بها البحر ولج فرس فرعون ورآه وحثت الجيوش خلفه فلما رأى الانفراق يثبت له استمر ، وبعث ميكائيل يسوق الناس حتى حصل جميعهم في البحر ، فانطبق عليهم حينئذ ، فلما عاين فرعون قال ما حكى عنه في هذه الآية ، قرأ الجمهور الناس «أنه » بفتح الألف ، ويحتمل أن تكون في موضع نصب ، ويحتمل أن تكون في موضع خفض على إسقاط الباء ، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو «إنه » بكسر الألف ، إما على إضمار الفعل أي آمنت فقلت إنه ، وإما على أن يتم الكلام في قوله { آمنت } ثم يتبدىء إيجاب «إنه » وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن جبريل عليه السلام قال ما أبغضت أحداً بغضي لفرعون ، ولقد سمعته يقول { آمنت } الآية ، فأخذت من حال البحر{[6217]} فملأت فمه مخافة أن تلحقه رحمة الله »{[6218]} وفي بعض الطرق : «مخافة أن يقول لا إله إلا الله فتلحقه الرحمة »{[6219]} .
قال القاضي أبو محمد : فانظر إلى كلام فرعون ففيه مجهلة وتلعثم ، ولا عذر لأحد في جهل هذا وإنما العذر فيما لا سبيل إلى علمه كقول علي رضي الله عنه ، «أهللت بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم » ، والحال الطين ، كذا في الغريب المصنف وغيره ، والأثر بهذا كثير مختلف اللفظ والمعنى واحد ، وفعل جبريل عليه السلام هذا يشبه أن يكون لأنه اعتقد تجويز المغفرة للتائب وإن عاين ولم يكن عنده قبل إعلام من الله تعالى أن التوبة بعد المعاينة غير نافعة