وقوله تعالى : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ ) هذا ظاهر . وفي قوله ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ) دلالة خلق أفعال العباد لأنه أضاف إلى نفسه ؛ جاوز بهم ، وبنو إسرائيل هم الذين تجاوزوا . دل ذلك أنه خالق فعلهم .
وأما قوله : ( حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ ) أي حتى إذا غرق لأنه ذكر في بعض القصة أن فرعون لما ساحل البحر ، فرأى البحر منفرجا ، قال[ في الأصل وم : فقال ] : إنما انفرج /234-أ/ البحر لي ، فلما دخل غرق ، فعند ذلك قال غريقا ( آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) ثم إيمانه لم يقبل في ذلك الوقت لوجهين :
أحدهما : لما يحتمل أن يكون إيمانه عند رؤية البأس وخوف الهلاك ، فهو إيمان دفع البأس لا إيمان حقيقة ، وهو على ما أخبر عن إيمان الكفرة في الآخرة لما عاينوا العذاب كقولهم : ( ربنا آخرنا إلى آجل )[ السجدة : 12 ] وكقولهم ( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )[ فاطر : 37 ] وأمثاله : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه )[ الأنعام : 28 ] فما عاينوا عم من العذاب أكبر وأشد مما عاين فرعون .
ثم أخبر أنهم ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) إلى ما كانوا يعملون ، لكنهم قالوا ذلك قول دفع . فعلى ذلك إيمان فرعون إيمان دفع البأس عن نفسه لا إيمان حقيقة واختيار .
والثاني : إن الإيمان والإسلام هو تسليم النفس إلى الله ، فإذا آمن في وقت خرجت نفسه من يده لم يصر مسلما نفسه إلى الله ؛ إذ نفسه ليست في يده ، ولذلك لم يقبل الإيمان في ذلك الوقت وقت الإشراف على الهلاك .
ويحتمل وجها آخر ، وهو أن الإيمان بالله لا يكون بالاستدلال بالشاهد على الغائب إذ لا يكون ذلك إلا بالنظر والتفكر ، وفي ذلك الوقت لا يمكن النظر والتفكر . لذلك لم يكن إيمان حقيقة والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.