جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ وَجُنُودُهُۥ بَغۡيٗا وَعَدۡوًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدۡرَكَهُ ٱلۡغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِيٓ ءَامَنَتۡ بِهِۦ بَنُوٓاْ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (90)

{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْر } أي : جاوزناهم في البحر بلا سفينة وتعب ، { فَأَتْبَعَهُمْ } أدركهم{[2225]} ، { فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ } قيل : كانوا في مائة ألف أدهم سوى بقية الألوان ، { بَغْيًا وَعَدْوًا } للبغي أي : لطلب الاستعلاء والظلم أو باغين{[2226]} ، { حَتَّى إِذَ ا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّه } أي : بأنه ، { لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ{[2227]} } .


[2225]:يقال تبعته فأتبعته، أي: لحقته ولم يقل فأتبعهم فرعون وجنوده لأنه غير مشعر بالوصول واللحوق / 12 منه.
[2226]:يعني بغيا وعدوا إما مفعول له أو حال /12 منه.
[2227]:أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغرق الله فرعون فقال: آمنت الآية، قال جبريل: يا محمد! لو رأيتني وأنا آخذ من حال الأرض فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة) [صحيح، انظر صحيح سنن الترمذي (2483)]، والمعنى دس جبريل في فيه بأمر الله فلا اعتراض عليه، وقد روى هذا الحديث الترمذي من غير وجه وقال: صحيح حسن غريب وصححه أيضا الحاكم عن ابن عباس من طريق أخرى وإسناده على شرط البخاري وليس في رواتهما متهم وإن كان فيه من هو سيء الحفظ فقد تابعه عليه غيره وأخرج الطبراني معناه عن أبي هريرة لكن في إسناد حديث أبي هريرة رجل مجهول وباقي رجاله ثقات، والعجب كل العجب ممن لا علم له بفن الرواية من المفسرين ولا يكاد يميز بين أصح الصحيح من الحديث وأكذب منه كيف يتجرأ على الكلام في أحاديث الرسول والحكم ببطلان ما صح منها، ويرسل لسانه وقلمه بالجهل البحت والقصور الفاضح الذي يضحك منه كل من كان من له أدنى ممارسة لفن الحديث فيا مسكين مالك ولهذا الشأن الذي لست فيه في شيء ألا تستر نفسك وتربع على ضلعك، وتعرف بأنك بهذا العلم من أجهل الجاهلين وتشتغل بما هو علمك الذي لا تجاوزه وحاصلك الذي ليس لك غيره وهو علم اللغة وتوابعه من العلوم الآلية، ولقد صار صاحب الكشاف – عفا الله عنه - بسبب ما يتعرض له في تفسيره من علم الحديث الذي ليس هو منه في ورد ولا صدر سخرة للساخرين وعبرة للمعتبرين فتارة يروي في كتابه الموضوعات وهو لا يدري أنه منها، وتارة يتعرض لرد ما صح و يجزم بأنه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبهت وهو في الصحيحين وغيرهما مما يلتحق بهما من رواته جماعة من الصحابة بأسانيد كلها أئمة ثقات حجج أثبات وأدنى نصيب من عقل يحجر صاحبه عن التكلم في علم لا يعلمه ولا يدري به أقل دراية وإن كان ذلك العلم من علوم الاصطلاح التي يتواضع عليها طائفة من الناس ويصطلحون على أمره فيما بينهم فما بالك بعلم السنة الذي هو قسيم كتاب الله وقائله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورواية عنه خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وكل حرف من حروفه وكلمة من كلماته يثبت بها شرع عام لجميع أهل الإسلام / فتح البيان.