بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ وَجُنُودُهُۥ بَغۡيٗا وَعَدۡوًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدۡرَكَهُ ٱلۡغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِيٓ ءَامَنَتۡ بِهِۦ بَنُوٓاْ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (90)

ثمّ قال تعالى : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إسراءيل البحر } ، يعني : بحر قلزم . ويقال : هو نهر مصر ، وهو النيل . { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ } يعني : لحقهم . وقال القتبي : أتبعت القوم : أي لحقتهم ، وتبعتهم : كنت في أثرهم . ثمَّ قال : { بَغْيًا وَعَدْوًا } يعني : تكبُّراً وَعَدواً ، يعني : ظلماً . ويقال : بغياً في المقالة حيث قال : { ءان هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } وَعدواً : يعني : اعتدوا عليهم وأرادوا قتلهم { حتى إِذَا أَدْرَكَهُ الغرق } يعني : كربة الموت . ويقال : ألجمه الماء . ويقال : بلغه الموت والأجل ، وذلك أن بني إسرائيل لما رأوا فرعون ومن معه ، قالوا : هذا فرعون ، وقد كنا نلقى منه ما نلقى ، فكيف بنا وأين المخرج في البحر ؟ فأوحى الله إلى موسى { فَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم } [ الشعراء : 63 ] فضرب ، فصار اثني عشر طريقاً يابساً . فلمّا انتهى فرعون إلى البحر ، فرآه قد يبس فقال لقومه : إن البحر قد يبس خوفاً مني فصدّقوه ، وهو قوله : { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هدى } [ طه : 79 ] ولما جاوز قوم موسى ، ودخل قوم فرعون ، فلما هَمَّ أولهم أن يخرج من البحر ، ودخل آخرهم ، طم عليهم البحر فغرَّقهم و { قَالَ } فرعون عند ذلك : { ءامنت أنه لا اله إلا الذي ءامنت به بنو اسرائيل } قرأ حمزة ، والكسائي : { أَنَّهُ } بالكسر على معنى الابتداء الباقون بالنصب ، على معنى البناء . يعني : صدّقت بأنه لا إله إلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ { وَأَنَاْ مِنَ المسلمين } على دينهم . ويقال : أنا من المخلصين على التوحيد .