الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتۡبَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ وَجُنُودُهُۥ بَغۡيٗا وَعَدۡوًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدۡرَكَهُ ٱلۡغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِيٓ ءَامَنَتۡ بِهِۦ بَنُوٓاْ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (90)

ثم أجاب اللَّه دعوتهما ، قال ابن عباس : العَذَاب هنا : الغَرَقُ ، وروي أن هارون كان يُؤْمِّنُ على دعاء موسَى ؛ فلذلك نَسَب الدعوة إليهما ؛ قاله محمد بن كَعْب القُرَظِيُّ ، قال البخاريُّ : { وَعَدْوًا } [ يونس : 90 ] من العُدْوان . انتهى .

وقول فرعون : { آمَنتُ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ } روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَا أَبْغَضْتُ أَحَداً قَطُّ بُغْضِي لِفِرْعَوْنَ ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : { ءامَنتُ } ، فَأَخَذْتُ مِنْ حَالِ البَحْرِ ، فَمَلأْتُ فَمَهُ ؛ مَخَافَةَ أَنْ تَلْحَقُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ ) ، وفي بعض الطرق : ( مَخَافَةَ أَنْ يَقُولَ لاَ إله إِلاَّ اللَّهُ ، فَتَلْحَقُهُ الرَّحْمَة ) .

قال ( ع ) : فانظر إِلى كلام فرعون ، ففيه مَجْهَلَةٌ وَتَلَعْثُمٌ ، ولاَ عُذْرَ لأحد فِي جَهْلِ هذا ، وإِنما العذر فيما لا سبيلَ إِلى علمه ، كقول عليٍّ رضي اللَّه عنه : ( أَهْلَلْتُ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ) ، والحَالُ : الطِّينُ ، والآثار بهذا كثيرةٌ مختلفة الألفاظِ ، والمعنَى واحدٌ .