المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

5- وقال الكافرون للرسول - صلى الله عليه وسلم - : قلوبنا في أغطية متكاثقة مما تدعونا إليه من توحيد الله ، وفي آذاننا صمم فلا نسمع ما تدعونا إليه ، ومن بيننا وبينك حجاب منيع يمنعنا من قبول ما جئت به ، فاعمل ما شئت إننا عاملون ما شئنا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

قوله تعالى : { وقالوا } يعني مشركي مكة ، { قلوبنا في أكنة } في أغطية ، { مما تدعونا إليه } فلا نفقه ما تقول ، { وفي آذاننا وقر } صمم فلا نسمع ما تقول ، والمعنى : إنا في ترك القبول عندك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع ، { ومن بيننا وبينك حجاب } خلاف في الدين وحاجز في الملة فلا نوافقك على ما تقول ، { فاعمل } أنت على دينك ، { إننا عاملون } على ديننا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

ثم حكى - سبحانه - أقوالهم التى تدل على توغلهم فى الكفر والعناد فقال : { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فاعمل إِنَّنَا عَامِلُونَ } ، والأكنة : جمع كنان وهو الغطاء للشئ . و { وَقْرٌ } الصمم الذى يحول بين الإِنسان وبين سماع ما يقال له .

والحجاب : من الحجب بمعنى الستر لأنه يمنع المشاهدة ، ومنه قيل للبواب حاجب ، لأنه يمنع من الدخول .

أى : وقال الكافرون للنبى صلى الله عليه وسلم على سبيل تيئيسه من إيمانهم : إن قلوبنا قد كستها أغطية متكاثفة جعلتها لا تفقه ما تقوله لنا ، وما تدعونا إليه ، وإن آذاننا فيها صمم يحول بيننا وبين سماع حديثك ، وإن من بيننا ومن بينك حاجزا غليظا يحجب التواصل والتلاقى بيننا وبينك ، وما دام حالنا وحالك كذلك فاعمل ما شئت فيما يتعلق بدينك ، ونحن من جانبنا سنعمل ما شئنا فيما يتعلق بديننا .

وهذه الأقوال التى حكاها القرآن عنهم ، تدل على أنهم قوم قد بلغوا أقصى درجات الجحود والعناد : فقلوبهم قد أغلقت عن إدراك الحق ، وأسماعهم قد صمت عن سماعه ، وأشخاصهم قد أبت الاقتراب من شخص الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يحمل لهم الخير والنور ، وما حملهم على ذلك إلا اتباعهم للهوى والشيطان .

وصدق الله إذ يقول : { فَلَمَّا زاغوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} (5)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيَ أَكِنّةٍ مِمّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنّنَا عَامِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء المشركون المعرضون عن آيات الله من مشركي قريش إذ دعاهم محمد نبيّ الله إلى الإقرار بتوحيد الله وتصديق ما في هذا القرآن من أمر الله ونهيه ، وسائر ما أنزل فيه قُلُوبُنا في أكِنّةٍ يقول : في أغطية مِمّا تَدْعُونا يا محمد إلَيهِ من توحيد الله ، وتصديقك فيما جئتنا به ، لا نفقه ما تقول وفي آذانِنا وَقْرٌ وهو الثقل ، لا نسمع ما تدعونا إليه استثقالاً لما يدعو إليه وكراهة له . وقد مضى البيان قبل عن معاني هذه الأحرف بشواهده ، وذكر ما قال أهل التأويل فيه ، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع . وقد :

حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : قُلُوبُنا في أكِنّةٍ قال : عليها أغطية كالجَعْبَة للنّبْل .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنّةٍ قال : عليها أغطية وفِي آذَانِنا وَقْرٌ قال : صمم .

وقوله : وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ يقولون : ومن بيننا وبينك يا محمد ساتر لا نجتمع من أجله نحن وأنت ، فيرى بعضنا بعضا ، وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين ، لأن دينهم كان عبادة الأوثان ، ودين محمد صلى الله عليه وسلم عبادة الله وحده لا شريك له ، فذلك هو الحجاب الذي زعموا أنه بينهم وبين نبيّ الله ، وذلك هو خلاف بعضهم بعضا في الدين .

وقوله : فاعْمَلْ إنّنا عامِلُونَ يقول : قالوا : له صلى الله عليه وسلم : فاعمل يا محمد بدينك وما تقول إنه الحقّ ، إننا عاملون بديننا ، وما تقول إنه الحقّ ، ودع دعاءنا إلى ما تدعونا إليه من دينك ، فإنا ندع دعاءك إلى ديننا . وأدخلت «من » في قوله وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ والمعنى : وبيننا وبينك حجاب ، توكيدا للكلام .