40- يا أيها المؤمنون ، إن لم تنصروا رسول الله فإن الله كفيل بنصره ، كما أيَّدَه ونصره حينما اضطره الذين كفروا إلى الخروج من مكة . وليس معه إلا رفيقه أبو بكر ، وكان ثاني اثنين ، وبينما هما في الغار مختفين من المشركين الذين يتعقبونهما خشي أبو بكر على حياة الرسول ، فقال له الرسول مطمئناً : لا تحزن فإن الله معنا بالنصر والمعونة . عند ذلك أنزل الله الطمأنينة في قلب صاحبه ، وأيَّد الرسول بجنود من عنده ، لا يعلمها إلا هو سبحانه . وانتهي الأمر{[82]} بأن جعل شوكة الكافرين مفلولة ودين الله هو الغالب ، والله متصف بالعزة فلا يقهر ، وبالحكمة فلا يختل تدبيره .
{ إلا تنصروه فقد نصره الله } أي إن لم تنصروه فسينصره الله كما نصره . { إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين } ولم يكن معه إلا رجل واحد ، فحذف الجزاء وأقيم ما هو كالدليل عليه مقامه ، أو إن لم تنصروه فقد أوجب الله له النصر حتى نصره في مثل ذلك الوقت فلن يخذله في غيره ، وإسناد الإخراج إلى الكفرة لأن همهم بإخراجه أو قتله تسبب لإذن الله له بالخروج . وقرئ { ثاني اثنين } بالسكون على لغة من يجري المنقوص مجرى المقصور في الإعراب ونصبه على الحال . { إذ هما في الغار } بدل من إذ أخرجه بدل البعض إذ المراد به زمان متسع ، والغار نقب في أعلى ثور وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة مكثا فيه ثلاثا . { إذ يقول } بدل ثان أو ظرف لثاني . { لصاحبه } وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه { لا تحزن إن الله معنا } بالعصمة والمعونة . روي ( أن المشركين طلعوا فوق الغار فأشفق أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " ، فأعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه ) . وقيل لما دخلا الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله والعنكبوت فنسجت عليه . { فأنزل الله سكينته } أمنته التي تسكن عندها القلوب . { عليه } على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو على صاحبه وهو الأظهر لأنه كان منزعجا . { وأيّده بجنود لم تروها } يعني الملائكة أنزلهم ليحرسوه في الغار أو ليعينوه على العدو يوم بدر والأحزاب وحنين ، فتكون الجملة معطوفة على قوله { نصره الله } . { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى } يعني الشرك أو دعوة الكفر . { وكلمة الله هي العليا } يعني التوحيد أو دعوة الإسلام ، والمعنى وجعل ذلك بتخليص الرسول صلى الله عليه وسلم عن أيدي الكفار إلى المدينة فإنه المبدأ له ، بتأييده إياه بالملائكة في هذه المواطن أو بحفظه ونصره له حيث حضر . وقرأ يعقوب { وكلمة الله } بالنصب عطفا على كلمة { الذين } ، والرفع أبلغ لما فيه من الإشعار بأن { كلمة الله } عالية في نفسها وإن فاق غيرها فلا ثبات لتفوقه ولا اعتبار ولذلك وسط الفصل . { والله عزيز حكيم } في أمره وتدبيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.