جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40)

{ إلا تنصروه فقد نصره الله } ، بمنزلة العلة له ، { إذ أخرجه الذين كفروا } ، حاصله أنه ينصره كما نصره جواب الشرط محذوف {[1969]} وهو فسينصره ، وقوله : " فقد نصره الله " حين إن وقع الكفار سببا لخروجه ، { ثاني اثنين{[1970]} } ، أي : حال كونه أحد اثنين هو وأبو بكر رضي الله عنه ، { إذ هما في الغار } ، في جبل ثور وهو بدل البعض من " إذ أخرجه " ، لأن المراد منه زمان متسع{[1971]} ، { إذ يقول } ، بدل آخر أو ظرف لثاني ، { لصاحبه } ، أبي بكر حين طلع الكفار فوق الغار يطلبونهما ، { لا تحزن{[1972]} إن الله معنا{[1973]} } ، بالنصرة والعصمة ، { فأنزل الله سكينته } ، أمنته ، { عليه } أي : تجدد أمنته على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - أن الضمير لأبي بكر رضي الله عنه ويؤيد الأول قوله ، { وأيده } ، أي : رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف ، { بجنود لم يروها } ، أي : الملائكة ليحرسوه ، قال بعضهم : بقوله : " وأيده بجنود لم يروها " التأييد يوم بدر فعلى هذا عطف على أخرجه الذين كفروا ، { وجعل كلمة الذين كفروا } ، كلمة الشرك ، { السفلى{[1974]} } ، حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم فلم يروه أو حين قتلوا وأسروا يوم بدر ، { وكلمة الله هي العليا } ، كلمة التوحيد عالية ظاهرة حين هاجر المدينة أو حين غلبوا ونصروا يوم بدر ، { والله عزيز حكيم } ، في أمره وتدبيره .


[1969]:لا يجوز أن يكون "فقد نصره الله" جوابا للشرط؛ لأنه ماض محض فالمذكور بمنزلة العلة، أي: إن لا تنصروه فينصره الله كما نصره؛ لأنه نصره في وقت أصعب من ذلك.
[1970]:قال الشعبي عاتب الله عزز وجل أهل الأرض جميعا في هذه الآية غير أبي بكر/ فتح، وعن ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال أبي بكر: أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار أخرجه الترمذي وقال حديث صحيح حسن غريب/ فتح. [ضعيف، انظر ضعيف الجامع(1421)].
[1971]:وهذا الزمان الذي هما في الغار بعضه.
[1972]:قال أبو بكر: يا رسول الله، إن قتلت فأنا رجل واحد وإن قتلت هلكت الأمة وذهب دين الله فقال –صلى الله عليه وسلم -: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" ومن يلك الآية قال العلماء من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر/ وجيز.
[1973]:أي: ناصرنا كذا في البخاري في كتاب التفسير.
[1974]:مقهورة مخفوضة.