معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40)

وقوله : { وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى }

فأوقع ( جعل ) على الكلمة ، ثم قال : { وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا } على الاستئناف ، ولم تُرَد بالفعل . وكلمة الذين كفروا الشرك بالله ، وكلمة الله قول ( لا إله إلا الله ) . ويجوز ( وكلمةَ الله هي العليا ) ولست أستحبّ ذلك لظهور الله تبارك وتعالى ؛ لأنه لو نصبها - والفعل فعله - كان أجود الكلام أن يقال : " وكلمته هي العليا " ؛ ألا ترى أنك تقول : قد أعتق أبوك غلامه ، ولا يكادون يقولون : أعتق أبوك غلام أبيك . وقال الشاعر في إجازة ذلك :

متى تأتِ زيدا قاعدا عِند حوضه *** لِتهدِم ظلما حوض زيد تقارع

فذكر زيدا مرَّتين ولم يَكْنِ عنه في الثانية ، والكناية وجه الكلام .