تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40)

{ إلا تنصروه } يعني : النبي صلى الله عليه وسلم { فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا } من مكة { ثاني اثنين إذ هما في الغار } وذلك أن قريشا اجتمعوا في دار الندوة ، فتآمروا بالنبي ، فاجتمع رأيهم على ما قال عدو الله أبو جهل ؛ وقد فسرنا ذلك في سورة الأنفال فأوحى الله عز وجل إليه ؛ فخرج هو وأبو بكر ليلا ؛ حتى انتهى إلى الغار ، فطلبه المشركون فلم يجدوه فطلبوا ، [ . . . . . ]{[418]} وقد كان أبو بكر دخل الغار قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمس الغار فنظر ما به ؛ لئلا يكون فيه سبع أو حية يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الغار ، وأخذت يمامة فوضعت على باب الغار فجعلا يستمعان وقع حوافر دواب المشركين في طلبهما ، فجعل أبو بكر يبكي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال : أخاف أن يظهر عليك المشركون فيقتلوك ؛ فلا يعبد الله عز وجل بعدك أبدا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تحزن إن الله معنا } وجعل أبو بكر يمسح الدموع عن خده { فأنزل الله سكينته عليه } .

قال الحسن : السكينة : الوقار . قال محمد : وهي من السكون ؛ المعنى : أنه ألقى في قلبه ما سكن به ، وعلم أنهم غير واصلين إليه . { وأيده بجنود لم تروها } يعني : الملائكة عند قتاله المشركين .


[418]:طمس في الأصل