المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا} (57)

57- وإن هؤلاء المخلوقين الذين يدعوهم من يعبدهم يعبدون الله ، ويطلبون الدرجة والمنزلة عنده بالطاعة ، ويحرص كل منهم أن يكون أقرب إلى الله ، ويطمعون في رحمته ، ويرهبون عذابه ، إن عذاب الله ينبغى أن يحذر ويخاف ! ! .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا} (57)

وقوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } . روى البخاري ، من حديث سليمان بن مِهْران الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي مَعْمر ، عن عبد الله في قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } قال : ناس من الجن ، كانوا يعبدون ، فأسلموا . وفي رواية قال : كان ناس من الإنس ، يعبدون ناسًا من الجن ، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم{[17613]} .

وقال قتادة ، عن معبد{[17614]} بن عبد الله الزِّمَّاني{[17615]} ، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن مسعود في قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } قال : نزلت في نفر من العرب ، كانوا يعبدون نفرًا من الجن ، فأسلم الجِنِّيُّون ، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم ، فنزلت هذه الآية .

وفي رواية عن ابن مسعود : كانوا يعبدون صنفًا من الملائكة يقال لهم : الجن ، فذكره .

وقال السدي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } قال : عيسى وأمه ، وعُزير .

وقال مغيرة ، عن إبراهيم : كان ابن عباس يقول في هذه الآية : هم عيسى ، وعُزير ، والشمس ، والقمر .

وقال مجاهد : عيسى ، والعُزير ، والملائكة .

واختار ابن جرير قول ابن مسعود ؛ لقوله : { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } ، وهذا لا يعبر به{[17616]} عن الماضي ، فلا يدخل فيه عيسى والعُزير . قال : والوسيلة هي القربة ، كما قال قتادة ؛ ولهذا قال : { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ }

وقوله : { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } : لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء ، فبالخوف ينكف{[17617]} عن المناهي ، وبالرجاء ينبعث على{[17618]} الطاعات .

وقوله : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } أي : ينبغي أن يحذر منه ، ويخاف من وقوعه وحصوله ، عياذًا بالله منه .


[17613]:صحيح البخاري برقم (4714، 4715).
[17614]:في ت: "سعيد".
[17615]:في ت، ف: "الرماني".
[17616]:في ت: "لا يغن به".
[17617]:في ف، أ: "ينكشف".
[17618]:في ف: "إلى".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا} (57)

والإشارة ب { أولئك الذين يدعون } إلى النبيئين لزيادة تمييزهم .

والمعنى : أولئك الذين إنْ دعوا يُستجَبْ لهم ويكشف عنهم الضر ، وليسوا كالذين تدعونهم فلا يملكون كشف الضر عنكم بأنفسهم ولا بشفاعتهم عند الله كما رأيتم من أنهم لم يغنوا عنكم من الضر كشفاً ولا صرفاً .

وجملة { يبتغون } حال من ضمير { يدعون } أو بيان لجملة { يدعون } .

والوسيلة : المرتبة العالية القريبة من عظيم كالمَلك .

و { أيهم أقرب } يجوز أن يكون بدلاً من ضمير { يبتغون } بدل بعض ، وتكون ( أي ) موصولة . والمعنى : الذي هو أقرب من رضى الله يبتغي زيادة الوسيلة إليه ، أي يزداد عملاً للازدياد من رضى الله عنه واصطفائه .

ويجوز أن يكون بدلاً من جملة { يبتغون إلى ربهم الوسيلة } ، و ( أي ) استفهامية ، أي يبتغون معرفة جواب : أيهم أقرب عند الله .

وأقرب : اسم تفضيل ، ومتعلقه محذوف دل عليه السياق . والتقدير : أيهم أقرب إلى ربهم .

وذكر خوف العذاب بعد رجاء الرحمة للإشارة إلى أنهم في موقف الأدب مع ربهم فلا يزيدهم القرب من رضاه إلا إجلالاً له وخوفاً من غضبه . وهو تعريض بالمشركين الذين رَكبوا رؤوسهم وتوغلوا في الغرور فزعموا أن شركاءهم شفعاؤهم عند الله .

وجملة { إن عذاب ربك كان محذوراً } تذييل . ومعنى { كان محذورا } أن حقيقته تقتضي حذر الموفقين إذ هو جدير بذلك .