بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا} (57)

قوله : { أولئك } ، يعني : الملائكة { الذين يَدْعُونَ } ، أي يعبدونهم ويدعونهم آلهة . قرأ ابن مسعود { تَدْعُونَ } بالتاء على معنى المخاطبة . { يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة } ، يقول : يطلبون إلى ربهم القربة والفضيلة والكرامة بالأعمال الصالحة . { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } ، أكرم على الله تعالى ، وأقرب في الفضيلة والكرامة . { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } ، أي جنته . { ويخافون عَذَابَهُ } ، أي ناره . { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا } ، يعني : لم يكن لأحد أمان من عذاب الله تعالى ، ويقال : { مَحْذُورًا } أي ينبغي أن يحذر منه .

وروى الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : كان ناس من الإنس يعبدون قوماً من الجن ، فأسلم الجن وبقي الإنس على كفرهم ، فأنزل الله : { أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ } ، يعني : الجن { يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } . وروى السدي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس أنه قال : { أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ } عيسى وعزيراً والملائكة ، وما عبد من دون الله وهو لله مطيع .