السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا} (57)

{ أولئك الذين يدعون } أي : يدعونهم الكفار ويتألهونهم { يبتغون } أي : يطلبون طلباً عظيماً { إلى ربهم } أي : المحسن إليهم { الوسيلة } أي : المنزلة والدرجة و القربة لأعمالهم الصالحة ، وابتغاء الوسيلة إلى الله تعالى لا يليق بالأصنام البتة . وقرأ أبو عمرو في الوصل بكسر الهاء والميم وحمزة والكسائي بضم الهاء والميم والباقون بكسر الهاء وضم الميم .

تنبيه : أولئك مبتدأ وخبره يبتغون ويكون الموصول نعتاً أو بياناً أو بدلاً ، والمراد باسم الإشارة الأنبياء أو الملائكة الذين عبدوا من دون الله والمراد بالواو والعباد لهم ، ويكون العائد على الذين محذوفاً أو المعنى أولئك الأنبياء الذين يدعونهم المشركون لكشف ضرّهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة { أيهم أقرب } أي : يتسابقون بالأعمال مسابقة من يطلب كل منهم أن يكون إليه أقرب ولديه أفضل { ويرجون رحمته } رغبة فيما عنده { ويخافون عذابه } فهم كغيرهم موصوفون بالعجز والحاجة فكيف يدعونهم آلهة ، وقيل معناه أن الكفار ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به . ثم علل خوفهم بأمر عامّ بقوله تعالى : { أنّ عذاب ربك } أي : المحسن إليك برفع انتقام الاستئصال منه عن أمّتك { كان } أي : كوناً لازماً { محذوراً } جديراً بأن يحذر لكل أحد من ملك مقرب ونبي مرسل ، فضلاً عن غيرهم لما شوهد من إهلاكه للقرون الماضية .