{ قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف } أي لا تفتأ ولا تزال تذكره تفجعا عليه ، فحذف لا كما قوله :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا *** . . . . . . . . . . . . . . . . .
لأنه لا يلتبس بالإثبات ، فإن القسم إذا لم يكن معه علامات الإثبات كان على النفي . { حتى تكون حرضا } مريضا مشفيا على الهلاك . وقيل الحرض الذي أذابه هم أو مرض ، وهو في الأصل مصدر ولذلك لا يؤنث ولا يجمع والنعت بالكسر كدنف ودنف . وقد قرئ به وبضمتين كجنب . { أو تكون من الهالكين } من الميتين .
وقوله تعالى : { قالوا تالله تفتأ } الآية ، المعنى تالله لا تفتأ فتحذف لا في هذه الموضع من القسم لدلالة الكلام عليها فمن ذلك قول امرىء القيس : [ الطويل ]
فقلت يمين الله أبرح قاعداً*** ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي{[6788]}
تالله يبقى على الأيام ذو حيد*** بمشمخر به الظيان والآس{[6789]}
أراد لا يبرح ولا يبقى ، وقال الزجاجي{[6790]} : وقد تحذف أيضاً ما في هذا الموضع .
قال القاضي أبو محمد : وخطأه بعض النحويين ، ومن المواضع التي حذفت فيها لا ويدل عليها الكلام قول الشاعر : [ الطويل ]
فلا وأبي دهماء زالت عزيزة*** على قومها ما قبل الزَّنْدَ قادِحُ{[6791]}
وقوله ما قبل الزند قادح يوجب أن المحذوف «لا » ، وليست «ما » ، وفتىء بمنزلة زال وبرح في المعنى والعمل ، تقول : والله لا فتئت قاعداً كما تقول : لا زلت ولا برحت ، ومنه قول أوس بن حجر : [ الطويل ]
فما فتئت حتى كأن غبارها*** سرادق يوم ذي رياح يرفَّع
و «الحرض » : الذي قد نهكه الهرم أو الحب أو الحزن إلى حال فساد الأعضاء والبدن والحس ، وعلى هذا المعنى قراءة الجمهور «حَرَضاً » بفتح الراء والحاء*** وقرأ الحسن بن أبي الحسن بضمهما ، وقرأت فرقة «حُرْضاً » بضم الحاء وسكون الراء . وهذا كله المصدر يوصف به المذكر والمؤنث والمفرد والجمع بلفظ واحد ، كعدل وعدو ، وقيل في قراءة الحسن : انه يراد : فتات الأشنان أي بالياً متفتتاً ، ويقال من هذا المعنى الذي هو شن الهم والهرم : رجل حارض ، ويثنى هذا البناء ويجمع ويؤنث ويذكر ، ومن هذا المعنى قول الشاعر : [ البسيط ]
إني امرؤ لجَّ بي حبٌّ فأحرضني*** حتى بليت وحتى شفني السقم{[6792]}
وقد سمع من العرب : رجل محرض ، قال الشاعر - وهو امرؤ القيس : [ الطويل ]
أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضاً*** كإحراضِ بكر في الديار مريض{[6793]}
و «الحرض » - بالجملة - الذي فسد ودنا موته ، قال مجاهد : «الحرض » : ما دون الموت{[6794]} ، قال قتادة : «الحرض » : البالي الهرم ، وقال نحو الضحاك والحسن ، وقال ابن إسحاق : { حرضاً } معناه فاسد لا عقل له ؛ فكأنهم قالوا على جهة التعنيف له : أنت لا تزال تذكر يوسف إلى حال القرب من الهلاك أو إلى الهلاك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.