السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَٰلِكِينَ} (85)

ولما وقع من يعقوب عليه السلام ذلك كأن قائلاً يقول : فما قال له أولاده ؟ فقيل : { قالوا } له حنقاً من ذلك { تالله تفتؤ } ، أي : لا تفتأ ، أي : لا تزال { تذكر يوسف } تفجعاً ، فتفتأ جواب القسم وهو على حذف لا كقول الشاعر :

فقلت يمين الله أبرح قاعداً *** ولو قطعوا رأسي إليك وأوصالي

ويدل على حذفها أنه لو كان مثبتاً لاقترن بلام الابتداء ونون التوكيد معاً عند البصريين أو أحدهما عند الكوفيين ، فتفتأ هنا ناقصة بمعنى لا تزال كما تقرّر ، ورسمت تفتؤ بالواو { حتى } إلى أن { تكون حرضاً } ، أي : مشرفاً على الهلاك لطول مرضك وهو مصدر يستوي فيه الواحد وغيره { أو تكون من الهالكين } ، أي : الموتى .

فإن قيل : لما حلفوا على ذلك مع أنهم لم يعلموا ذلك قطعاً ؟ أجيب : بأنهم بنوا الأمر على الظاهر ، قال أكثر المفسرين : قائل هذا الكلام هم أخوة يوسف ، وقال بعضهم : ليس الأخوة بل الجماعة الذين كانوا في الدار من أولاده وخدمه .