المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (80)

80- ومع ذلك جادله قومه في توحيد الله ، وخوفوه غضب آلهتهم ، فقال لهم : ما كان لكم أن تجادلوني في توحيد الله وقد هداني إلى الحق ، ولا أخاف غضب آلهتكم التي تشركونها مع الله ، لكن إذا شاء ربي شيئاً من الضر وقع ذلك ، لأنه - وحده - القادر ، وقد أحاط علم ربي بالأشياء كلها ، ولا علم لآلهتكم بشيء منها . أتغفلون عن كل ذلك فلا تدركون أن العاجز الجاهل لا يستحق أن يعبد ؟ !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (80)

يقول تعالى : وجادله قومه فيما ذهب إليه من التوحيد ، وناظروه بشبه من القول ، قال { قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ } أي : تجادلونني في أمر الله وأنه لا إله إلا هو ، وقد بصرني وهداني إلى الحق وأنا على بينة منه ؟ فكيف ألتفت إلى أقوالكم الفاسدة وشبهكم الباطلة ؟ !

وقوله : { وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا } أي : ومن الدليل على بطلان قولكم فيما ذهبتم إليه أن هذه الآلهة التي تعبدونها لا تؤثر شيئا ، وأنا لا أخافها ، ولا أباليها ، فإن كان لها صنع ، فكيدوني بها [ جميعا ]{[10922]} ولا تنظرون ، بل عاجلوني بذلك .

وقوله : { إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا } استثناء منقطع . أي لا يضر ولا ينفع إلا الله ، عَزَّ وجل .

{ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } أي : أحاط علمه بجميع الأشياء ، فلا تخفى{[10923]} عليه خافية .

{ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ } أي : فيما بينته{[10924]} لكم فتعتبرون أن هذه الآلهة باطلة ، فتزجروا{[10925]} عن عبادتها ؟ وهذه الحجة نظير ما احتج به نبي الله هود ، عليه السلام ، على قومه عاد ، فيما قص عنهم في كتابه ، حيث يقول : { قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا [ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ]{[10926]} } [ هود : 53 - 56 ] .


[10922]:زيادة من م.
[10923]:في أ: "فلا يخفى".
[10924]:في أ: "فيما بينه".
[10925]:في أ: "فتنزجروا".
[10926]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (80)

{ وحاجه قومه } وخاصموه في التوحيد . { قال أتحاجوني في الله } في وحدانيته سبحانه وتعالى . وقرأ نافع وابن عامر بخلاف عن هشام بتخفيف النون . { وقد هدان } إلى توحيده . { ولا أخاف ما تشركون به } أي لا أخاف معبوداتكم في وقت لأنها لا تضر بنفسها ولا تنفع . { إلا أن يشاء ربي شيئا } أن يصيبني بمكروه من جهتها ، ولعله جواب لتخويفهم إياه من آلهتهم وتهديدا لهم بعذاب الله . { وسع ربي كل شيء علما } كأن علة الاستثناء ، أي أحاط به علما فلا يعبد أن يكون في علمه أن يحيق بي مكروه من جهتها . { أفلا تتذكرون } فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (80)

و{ حاجه } فاعله من الحجة ، قال أتراجعوني في الحجة في توحيد الله ، وقرأت فرقة «أتحاجونني » بإظهار النونين وهو الأصل ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي «أتحاجوني » بإدغام النون الأولى في الثانية ، وقرأ نافع وابن عامر «أتحاجوني » بحذف النون الواحدة فقيل : هي الثانية وقيل هي الأولى ويدل على ذلك أنها بقيت مكسورة قال أبو علي الفارسي : لا يجوز أن تحذف الأولى لأنها للإعراب وإنما حذفت الثانية التي هي توطئة لياء المتكلم كما حذفت في «ليتي » وفي قول الشاعر : [ الوافرُ ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** يسوءُ الفالياتِ إذا فَلَيْنِي{[4993]}

وكسرت بعد ذلك الأولى الباقية لمجاورتها للياء { وقد هداني } أي أرشدني إلى معرفته وتوحيده ، وأمال الكسائي «هدانِ » والإمالة في ذلك حسنة وإذا جازت الإمالة في غزا ودعا هما من ذوات الواو فهي في «هدانِ » التي هي من ذوات الياء أجوز وأحسن ، وحكي أن الكفار قالوا لإبراهيم عليه السلام :خف أن تصيبك آلهتنا ببرص أو داء لإذايتك لها وتنقصك ، فقال لهم لست أخاف الذي تشركون به ، لأنه لا قدرة له ولا غناء عنده ، و { ما } في هذا الموضع بمعنى الذي ، والضمير في { به } يحتمل أن يعود على الله عز وجل فيكون على هذا في قوله { تشركون } ضمير عائد على { ما } تقدير الكلام ولا أخاف الأصنام التي تشركونها بالله في الربوبية ، ويحتمل أن يعود الضمير على { ما } فلا يحتاج إلى غيره ، كأن التقدير ما تشركون بسببه ، وقوله تعالى : { إلا أن يشاء ربي شيئاً } استثناء ليس من الأول و { شيئاً } منصوب ب { يشاء } ، ولما كانت قوة الكلام أنه لا يخاف ضراً استثنى مشيئة ربه تعالى في أن يريده بضر ، و { علماً } نصب على التمييز وهو مصدر بمعنى الفاعل ، كما تقول العرب : تصبب زيد عرقاً ، المعنى تصبب عرق زيد فكذلك المعنى هنا وسع علم ربي كل شيء { أفلا تتذكرون } توقيف وتنبيه وإظهار لموضع التقصير منهم .


[4993]:- البيت لعمرو بن معد يكرب، وهو بتمامه كما أنشده سيبويه، وذكره صاحب اللسان: تراه كالثغام يعل مسكا يسوء الغاليات إذا فليني الثغّام: نبت أبيض يكون في الجبال، قال عنه في التهذيب: مثل هامة الشيخ، وفي حديث أبي قحافة أنه أتى به يوم الفتح (وكان رأسه ثغامة) والعلل: الشّرب بعد الشرب، والمراد هنا: يطيّب شيئا بعد شيء، والغاليات هن النساء، ويقال لهن أيضا: الغوالي، وأراد فليني بنونين فحذف إحداهما استثقالا، يقال: فلت فلانة رأسه تفليه فلاية إذا بحثت عن القمل.