الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (80)

قوله تعالى : { وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونّي فِي الله }[ الأنعام :80 ] .

أي : أتراجعوني في الحجَّة في توحيد اللَّه ، { وَقَدْ هدان } ، أي : قد أرشدني إلى معرفتِهِ وتوحيده ، { وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ } ، الضميرُ في { بِهِ } يعودُ على { الله } ، والمعنى : ولا أخافُ الأصنامُ التي تشركونَهَا باللَّه في الربوبيَّة ، ويحتمل أنْ يعود على ( ما ) والتقديرُ : ما تشركون بسَبَبِهِ ، وقوله : { إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً } استثناءٌ ليس من الأوَّل ، و{ شَيْئاً } : منصوبٌ ب { يَشَاء } ، ولما كانتْ قوة الكلامِ أنه لا يخَافُ ضرراً ، استثنى مشيئةَ ربِّه تعالى في أنْ يريده بضُرٍّ . و{ عِلْماً } نصبٌ على التمييز ، وهو مصدرٌ بمعنى الفاعل ، كما تقول العرب : تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقاً ، المعنى : تصبَّبَ عَرَقُ زَيْدٍ ، فكذلك المعنى هنا ( وِسَعِ علْمُ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ ) ، { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } : توقيفٌ وتنبيه ، وإظهار لموضعِ التقصيرِ منهم .