قال ابن عباس : " الأيام المعدودات " أيام التشريق ، و " الأيام المعلومات " أيام العَشْر . وقال عكرمة : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } يعني : التكبير أيامَ التشريق بعد الصلوات المكتوبات : الله أكبر ، الله أكبر .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا موسى بن علي ، عن أبيه ، قال : سمعت عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوم عَرَفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدُنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب " {[3687]} .
وقال الإمام أحمد أيضًا : حدثنا هُشَيم ، أخبرنا خالد ، عن أبي المليح ، عن نُبَيشة الهذلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيام التشريق أيامُ أكل وشرب وذكر الله " . رواه{[3688]} مسلم أيضًا{[3689]} وتقدم حديث جبير بن مطعم : " عَرَفَة كلها موقف ، وأيام التشريق كلها ذبح " . وتقدم [ أيضًا ]{[3690]} حديث عبد الرحمن بن يَعْمَر الدِّيلي {[3691]} " وأيام منى ثلاثة ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه " .
وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم ، قالا حدثنا هُشَيم ، عن عَمْرو بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيام التشريق أيام طُعْم وذكر{[3692]} " {[3693]} .
وحدثنا خلاد بن أسلم ، حدثنا رَوْح ، حدثنا صالح ، حدثني ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حُذافة يطوف في منى : " لا تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب ، وذكر الله ، عز وجل " {[3694]} .
وحدثنا يعقوب ، حدثنا هُشَيم ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة ، فنادى في أيام التشريق فقال : " إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله ، إلا من كان عليه صَوْم من هَدْي " .
زيادة حسنة ولكن مرسلة . وبه قال هُشَيم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عمرو بن دينار : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بشْرَ بن سحيم ، فنادى في أيام التشريق فقال : " إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله " .
وقال هُشَيم ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق ، قال : " هي أيام أكل وشرب وذكر الله " .
وقال محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن حكيم ، عن مسعود بن الحاكم الزُّرَقي ، عن أمه قالت : لكأني{[3695]} أنظر إلى عليّ على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، حتى وقف{[3696]} على شعب الأنصار وهو يقول : " يا أيها الناس ، إنها ليست بأيام صيام ، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر " {[3697]} .
وقال مِقْسَم عن ابن عباس : الأيام المعدودات : أيام التشريق ، أربعة أيام : يوم النحر ، وثلاثة [ أيام ]{[3698]} بعده ، ورُوي عن ابن عمر ، وابن الزبير ، وأبي موسى ، وعطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد ابن جُبَير ، وأبي مالك ، وإبراهيم النخَعي ، [ ويحيى بن أبي كثير ] {[3699]} والحسن ، وقتادة ، والسدي ، والزهري ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، ومقاتل بن حيّان ، وعطاء الخراساني ، ومالك بن أنس ، وغيرهم - مثل ذلك .
وقال علي بن أبي طالب{[3700]} : هي ثلاثة ، يوم النحر ويومان بعده ، اذبح في أيِّهنّ شئت ، وأفضلها أولها .
والقول الأول هو المشهور وعليه دل ظاهر الآية الكريمة ، حيث قال : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فدل على ثلاثة بعد النحر .
ويتعلق بقوله : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } ذكْرُ الله على الأضاحي ، وقد تقدم ، وأن الراجح في ذلك مذهب الشافعي ، رحمه الله ، وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق . ويتعلق به أيضًا الذكر المؤقت خلف الصلوات ، والمطلق في سائر الأحوال . وفي وقته أقوال{[3701]} للعلماء ، وأشهرها الذي عليه العمل أنَّه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، وهو آخر النَّفْر الآخِر . وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني ، ولكن لا يصح مرفوعا{[3702]} والله أعلم . وقد ثبت أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان يكبر في قبته ، فيكبر أهل السوق بتكبيره ، حتى ترتج منى تكبيرًا .
ويتعلق بذلك أيضًا التكبيرُ وذكر الله عند رمي الجمرات كلّ يوم من أيام التشريق . وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره : " إنما جعل الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار ، لإقامة ذكر الله عز وجل " {[3703]} .
ولما ذكر الله تعالى النَّفْر الأول والثاني ، وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف ، قال : { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ أي : تجتمعون يوم القيامة ]{[3704]} ، كما قال : { وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ المؤمنون : 79 ] .
{ واذكروا الله في أيام معدودات } كبروه في أدبار الصلاة وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها في أيام التشريق . { فمن تعجّل } فمن استعجل النفر . { في يومين } يوم القر والذي بعده ، أي فمن نفر في ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمار عندنا ، وقبل طلوع الفجر عند أبي حنيفة . { فلا إثم عليه } باستعجاله . { ومن تأخر فلا إثم عليه } ومن تأخر في النفر حتى رمى في اليوم الثالث بعد الزوال ، وقال أبو حنيفة : يجوز تقديم رميه على الزوال . ومعنى نفي الإثم بالتعجيل والتأخير التخيير بينهما والرد على أهل الجاهلية فإن منهم من أثم المتعجل ومنهم من أثم المتأخر . { لمن اتقى } أي الذي ذكر من التخيير ، أو من الأحكام لمن اتقى لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به ، أو لأجله حتى لا يتضرر بترك ما يهمه منهما . { واتقوا الله } في مجامع أموركم ليعبأ بكم { واعلموا أنكم إليه تحشرون } للجزاء بعد الإحياء . وأصل الحشر الجمع وضم المتفرق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.