فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (203)

{ واذكروا الله } أي بالتكبير في أدبار الصلوات وعند رمي الجمار يكبر مع كل حصاة .

{ في أيام معدودات } هي أيام التشريق -ثلاثة أيام بعد النحر- والتكبير المقيد . . . يستحب في الأضحى ، وتقييده هو أن يؤتى به في أدبار الصلوات خاصة واختلفوا في ابتدائه وانتهائه . . والقول الرابع يبتدأ به في صلاة الفجر يوم عرفة ويقطع بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق وهو قول أكابر الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم . . كما روى ابن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة ثم أقبل علينا وقال الله أكبر ومد التكبير إلى العصر من آخر أيام التشريق{[646]} . . .

{ فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } . . . رفع الحرج في الاستعجال والتأخر دلالة على أن الحاج مخير بين الأمرين أو بأن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل التعجل إثما ومنهم من يجعل المتأخر آثما مخالفا لسنة الحج فبين الله تعالى أن لا إثم على كل واحد منهما . . .

{ لمن اتقى } أي ذلك التخيير ونفي الإثم عن التعجل والتأخر لأجل الحاج المتقي كيلا يتخالج في قلبه إثم منها فإن ذا التقوى متحرز من كل ما يريبه . . .

{ واتقوا الله } أي : فيما يستقبل ، فيه حث على ملازمة التقوى فيما بقي من عمره وتنبيه على مجانبة الاغترار بالحج السابق ، كما أن قوله { واعلموا أنكم إليه تحشرون } توكيد للأمر بالتقوى وبعث على التشدد فيه لأن الحشر وهو اسم يقع على ابتداء خروج الناس من الأجداث إلى انتهاء الموقف يوجب تصوره لزوم سيرة الانتقاء عن ترك الواجبات وفعل المحظورات ؛ والمراد من قوله { إليه } أنه حيث لا مالك سواه ولا ملجأ ولا مستعان إلا هو { يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله }{[647]}- {[648]} .


[646]:قال الجوهري تشريق اللحم تقديده ومنه أيام التشريق لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها في الشمس وقيل هو من قولهم أشرق ثبير كيما نفير وثبير جبل شرقي المزدلفة كان الحجاج قبل الإسلام إذا باتوا بالمزدلفة لم يفيضوا منها إلا بعد طلوع الشمس فكانوا يتطلعون إلى جهة شروقها يستعجلون ذلك ليفيضوا.
[647]:سورة الانفطار الآية 19.
[648]:ما بين العارضتين من تفسير غرائب القرآن.