قوله : { فِى أَيَّامٍ معدودات } قال القرطبي : لا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي : أيام منى ، وهي أيام التشريق ، وهي أيام رمي الجمار . وقال الثعلبي : قال إبراهيم : الأيام المعدودات أيام العشر ، والأيام المعلومات : أيام النحر . وكذا روي عن مكي ، والمهدوي . قال القرطبي : ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع على ما نقله أبو عمر بن عبد البرّ ، وغيره . وروى الطحاوي عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات : أيام النحر ، قال : لقوله تعالى : { وَيَذْكُرُوا الله فِى أَيَّامٍ معلومات على مَا رَزَقَهُمْ من بَهِيمَةِ الانعام } [ الحج : 28 ] وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة : يوم الأضحى ، ويومان بعده . قال الكيا الطبري : فعلى قول أبي يوسف ، ومحمد لا فرق بين المعلومات ، والمعدودات ، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف . وروي عن مالك أن الأيام المعدودات ، والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام ، يوم النحر ، وثلاثة أيام بعده ، فيوم النحر معلوم غير معدود ، واليومان بعده معلومان معدودان ، واليوم الرابع معدود لا معلوم ، وهو مرويّ عن ابن عمر . وقال ابن زيد : الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة ، وأيام التشريق . والمخاطب بهذا الخطاب المذكور في الآية ، أعني قوله تعالى : { واذكروا الله فِى أَيَّامٍ معدودات } هو الحاجّ ، وغيره كما ذهب إليه الجمهور ؛ وقيل : هو خاص بالحاج . وقد اختلف أهل العلم في وقته ، فقيل من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق ؛ وقيل : من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر النحر ، وبه قال أبو حنيفة ، وقيل : من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، وبه قال مالك ، والشافعي ، قوله : { فَمَن تَعَجَّلَ } الآية ، اليومان هما : يوم ثاني النحر ، ويوم ثالثه . وقال ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والنخعي : من رمى في اليوم الثاني من الأيام المعدودات ، فلا حرج ، ومن تأخر إلى الثالث ، فلا حرج ، فمعنى الآية : كل ذلك مباح ، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماماً ، وتأكيداً ؛ لأن من العرب من كان يذمّ التعجل ، ومنهم من كان يذمّ التأخر ، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك . وقال عليّ ، وابن مسعود : معنى الآية : من تعجل ، فقد غفر له ، ومن تأخر ، فقد غفر له . والآية قد دلّت على أن التعجل ، والتأخر مباحان . وقوله : { لِمَنِ اتقى } معناه : أن التخيير ، ورفع الإثم ثابت لمن اتقى ؛ لأن صاحب التقوى يتحرّز ، عن كل ما يريبه ، فكان أحق بتخصيصه بهذا الحكم . قال الأخفش : التقدير ذلك لمن اتقى . وقيل : لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي . وقيل : لمن اتقى قتل الصيد . وقيل معناه : السلامة لمن اتقى . وقيل : هو متعلق بالذكر ، أي : الذكر لمن اتقى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.