مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (203)

{ واذكروا الله فِى أَيَّامٍ معدودات } هي أيام التشريق وذكر الله فيها التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار { فَمَن تَعَجَّلَ } فمن عجل في النفر أو استعجل النفر . وتعجل واستعجل يجيئان مطاوعين بمعنى عجل . يقال تعجل في الأمر واستعجل ومتعديين يقال تعجل الذهاب واستعجله والمطاوعة أوفق لقوله و«من تأخر » { فِى يَوْمَيْنِ } من هذه الأيام الثلاثة فلم يمكث حتى يرمي في اليوم الثالث واكتفى برمي الجمار في يومين من هذه الأيام الثلاثة { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فلا يأثم بهذا التعجل { وَمَن تَأَخَّرَ } حتى رمى في اليوم الثالث { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتقى } الصيد أو الرفث والفسوق أو هو مخير في التعجل والتأخر وإن كان التأخر أفضل فقد يقع التخيير بين الفاضل والأفضل كما خير المسافر بين الصوم والإفطار وإن كان الصوم أفضل . وقيل : كان أهل الجاهلية فريقين منهم من جعل المتعجل آثماً ومنهم من جعل المتأخر آثماً فورد القرآن بنفي المأثم عنهما { واتقوا الله } في جميع الأمور { واعلموا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } حين يبعثكم من القبور . كان الأخنس بن شريق حلو المنطق إذا لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألان له القول وادعى أنه يحبه وأنه مسلم وقال يعلم الله أني صادق فنزل فيه .