الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (203)

وقوله تعالى : { واذكروا الله فِي أَيَّامٍ معدودات }[ البقرة :203 ] .

أَمَرَ اللَّه سبحانه بذكْره في الأْيام المعدوداتِ ، وهي الثلاثة الَّتي بعد يَوْم النحر ، ومن جملة الذكْر التكبيرُ في إِثْر الصَّلواتِ .

قال مالك : يكبِّر من صلاة الظُّهْر يوم النَّحْر إِلى صلاة الصُّبْح من آخر أيام التَّشْريق ، وبه قال الشافعيُّ ، ومشهور مذهبِ مالكٍ ، أنه يكبِّر إِثْر كلِّ صلاةٍ ثلاثَ تكْبيراتٍ ، ومن خواصِّ التكبير وبركتِهِ ما رواه ابن السُّنِّيِّ ، بسنده ، عن عمرو بن شُعَيْب ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا رَأَيْتُمُ الحَرِيقَ ، فَكَبِّرُوا ، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفِئُهُ ) ، انتهى من «حلية النوويِّ » .

وقوله تعالى : { فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ . . . } [ البقرة :203 ] .

قال ابنُ عبَّاس وغيره : المعنى من نَفَر في اليوم الثَّاني من الأيام المعدوداتِ ، فلا حرج عليه ، ومن تأخَّر إِلى الثالث ، فلا إِثم عليه ، أي كلُّ ذلك مباحٌ ، إِذ كان من العربِ مَنْ يذمُّ المتعجِّل وبالعكْس ، فنزلَتِ الآية رافعةً للجُنَاحِ قُلْتُ : وأهل مكة في التعجيلِ كغيرهم على الأصحِّ ،

ثم أمر سبحانه بالتقوى ، وذكَّر بالحَشْر ، والوقوفِ بين يَدَيْهِ .