المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

23- فلما أنجاهم مما تعرضوا له من الهلاك ، نقضوا عهدهم ، وعادوا مسرعين إلى الفساد الذي كانوا من قبل - يا أيها الناس - الناقضون للعهد إن عاقبة اعتدائكم وظلمكم سترجع عليكم - وحدكم - وإن ما تتمتعون به في دنياكم متاع دنيوي زائل ، ثم إلى الله مصيركم في النهاية فيجزيكم بأعمالكم التي أسلفتموها في دنياكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

قال الله تعالى : { فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ } أي : من تلك الورطة { إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي : كأن لم يكن من ذاك شيء{[14153]} { كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ }

ثم قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } أي : إنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم ولا تضرون{[14154]} به أحدا غيركم ، كما جاء في الحديث : " ما من ذنب أجدر{[14155]} أن يعجل الله عقوبته في الدنيا ، مع ما يَدخر{[14156]} الله لصاحبه في الآخرة ، من البغي وقطيعة الرحم " . {[14157]}

وقوله : { مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي : إنما لكم متاع في الحياة الدنيا الدنيئة الحقيرة { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ } أي : مصيركم ومآلكم{[14158]} { فننبئكم } أي : فنخبركم بجميع أعمالكم ، ونوفيكم{[14159]} إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .


[14153]:- في ت ، أ : "كأن لم يكن شيء من ذاك".
[14154]:- في ت : "يضرون".
[14155]:- في ت : "أحذر".
[14156]:- في ت : "يؤخر".
[14157]:- رواه أبو داود في السنن برقم (4902) والترمذي في السنن برقم (2511) وابن ماجه في السنن برقم (4211) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه ، وقال الترمذي : "هذا حديث حسن صحيح".
[14158]:- في ت : "ومآبكم".
[14159]:- في ت : "ونوفكم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ يَأَيّهَا النّاسُ إِنّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىَ أَنفُسِكُمْ مّتَاعَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا ثُمّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فلما أنجى الله هؤلاء الذين ظنوا في البحر أنهم أحيط بهم من الجهد الذي كانوا فيه ، أخلفوا الله ما وعدوه ، وبغوا في الأرض ، فتجاوزوا فيها إلى غير ما أذن الله لهم فيه من الكفر به والعمل بمعاصيه على ظهرها . يقول الله : يا أيها الناس إنما اعتداؤكم الذي تعتدونه على أنفسكم وإياها تظلمون ، وهذا الذي أنتم فيه مَتَاعَ الحَيَاةِ الدّنْيَا يقول : ذلك بلاغ تبلغون به في عاجل دنياكم . وعلى هذا التأويل ، البغي يكون مرفوعا بالعائد من ذكره في قوله : عَلى أنْفُسِكُمْ ويكون قوله : «مَتَاعُ الحَياةِ الدّنْيَا » مرفوعا على معنى : ذلك متاع الحياة الدنيا ، كما قال : لَمْ يَلْبَثُوا إلاّ ساعَةً مِن نَهار بلاغٌ بمعنى : هذا بلاغ ، وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك : إنما بغيكم في الحياة الدنيا على أنفسكم ، لأنكم بكفركم تكسبونها غضب الله ، متاع الحياة الدنيا ، كأنه قال : إنما بغيكم متاع الحياة الدنيا ، فيكون «البغي » مرفوعا بالمتاع ، و «على أنفسكم » من صلة «البغي » . وبرفع «المتاع » قرأت القّراء سوى عبد الله بن أبي إسحاق فإنه نصبه بمعنى : إنما بغيكم على أنفسكم متاعا في الحياة الدنيا ، فجعل ، «البغي » مرفوعا بقوله : على أنفُسِكُمْ والمتاع منصوبا على الحال . وقوله : ثُمّ إلَيْنا مَرّجِعُكُمْ يقول : ثم إلينا بعد ذلك معادكم ومصيركم ، وذلك بعد الممات . فَنُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يقول : فنخبركم يوم القيامة بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصي الله ، ونجازيكم على أعمالكم التي سلفت منكم في الدنيا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

{ يبغون } : أي يفسدون ويكفرون ، والبغي : التعدي والأعمال الفاسدة ، ووكد ذلك بقوله : { بغير الحق }{[6071]} ثم ابتدأ بالرجز وذم البغي في أوجز لفظ ، وقوله «متاعُ الحياة » رفع ، وهذه قراءة الجمهور وذلك على خبر الابتداء ، والمبتدأ { بغيكم } ، ويصح أن يرتفع { متاع } على خبر ابتداء مضمر تقديره ذلك متاع أو هو متاع ، وخبر «البغي » قوله { على أنفسكم } ، وقرأ حفص عن عاصم وهارون عن أبي كثير وابن أبي إسحاق : «متاعَ » بالنصب وهو مصدر في موضع الحال من «البغي » وخبر البغي على هذا محذوف تقديره : مذموم أو مكروه ونحو هذا ، ولا يجوز أن يكون الخبر قوله { على أنفسكم } لأنه كان يحول بين المصدر وما عمل فيه بأجنبي ، ويصح أن ينتصب { متاع } بفعل مضمر تقديره : تمتعون متاع الحياة الدنيا ، وقرأ ابن أبي إسحاق . «متاعاً الحياةَ الدنيا » بالنصب فيهما ، ومعنى الآية إنما بغيكم وإفسادكم مضر لكم وهو في حالة الدنيا ثم تلقون عقابه في الآخرة ، قال سفيان بن عيينة : { إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا } أي تعجل لكم عقوبته في الحياة الدنيا ، وعلى هذا قالوا : البغي يصرع أهله .

قال القاضي أبو محمد : وقالوا : الباغي مصروع ، قال الله تعالى { ثم بغي عليه لينصرنه الله }{[6072]} وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ما من ذنب أسرع عقوبة من بغي »{[6073]} وقرأت فرقة «فننبئكم » على ضمير المعظم المتكلم وقرأت فرقة : «فينبئكم » ، على ضمير الغائب ، والمراد الله عز وجل .


[6071]:-قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى قوله: (بغير الحق) والبغي لا يكون بحق؟ قلت: بلى، وهو استيلاء المسلمين على أرض الكفرة وهدم دورهم وإحراق زروعهم وقطع أشجارهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة. اهـ. وعلّق على ذلك أبو حيان في "البحر" فقال: وكأنه قد شرح قوله تعالى: [يبغون] بأنهم يفسدون ويبعثون مترقين في ذلك ممعنين فيه من: بغى الجراح إذا ترقّى للفساد. ولا يصح أن يقال في المسلمين إنهم باغون على الكفرة إلا إذا ذكر أن أصل البغي هو الطلب مطلقا ولا يتضمن الفساد، وحينئذ ينقسم إلى طلب بحق وطلب بغير حق، ولما حمل ابن عطية البغي هنا على الفساد قال: "أكد ذلك بقوله: {بغير الحق}. وجواب [لما] هو [إذا] الفجائية وما بعدها، وذلك دليل على أنها حرف يترتب ما بعدها من الجواب على ما قبله من الفعل الذي وقع بعد [لما] وأنها تفيد الترتيب والتعليق في المضي، وأنها كما قال سيبويه حرف، والجواب بها دليل على أنه لم يتأخر (بغيهم) عن (إنجائهم)، بل بنفس ما وقع الإنجاء وقع البغي.
[6072]:- من الآية (60) من سورة (الحج).
[6073]:- أخرجه البخاري، والإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه في سننهم، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه عن أبي بكرة، قال ذلك في "الجامع الصغير"، ولفظه فيه: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

{ لما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق }

وأتى بحرف ( إذا ) الفجائية في جواب ( لما ) للدلالة على تعجيلهم بالبغي في الأرض عقب النجاة .

والبغي : الاعتداء . وتقدم في قوله : { والإثم والبغي بغير الحق } في سورة [ الأعراف : 33 ] . والمراد به هنا الإشراك كما صُرح به في نظيرها { فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } [ العنكبوت : 65 ] . وسمي الشرك بغياً لأنه اعتداء على حق الخالق وهو أعظم اعتداء ، كما يسمى ظلماً في آيات كثيرة منها قوله : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] . ولا يحسن تفسير البغي هنا بالظلم والفساد في الأرض ، إذ ليس ذلك شأن جميعهم فإن منهم حلماء قومهم ، ولأنه لا يناسب قولَه بعد { إنما بغيكم على أنفسكم } . ولمعنى هذه الآية في القرآن نظائر ، كقوله : { وإذا مس الإنسان ضر دعا ربّه منيباً إليه ثم إذا خَوَّله نعمة منه نسي ما كَان يدعُو إليه من قبل وجَعل لله أنداداً ليضل عن سبيله } [ الزمر : 8 ] الآية .

وزيادة { في الأرض } لمجرد تأكيد تمكنهم من النجاة . وهو كقوله تعالى : { فلما نجّاهم إلى البر فمنهم مقتصد } [ لقمان : 32 ] أي جعلوا مكان أثر النعمة بالنجاة مكاناً للبغي .

وكذلك قوله : { بغير الحق } هو قيد كاشف لمعنى البغي ، إذ البغي لا يكون بحق ، فهو كالتقييد في قوله تعالى : { ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله } [ القصص : 50 ] .

{ يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون }

استئناف خطاب للمشركين وهم الذين يبغون في الأرض بغير الحق .

وافتُتح الخطاب ب { يأيها الناس لاستصغاء أسماعهم . والمقصود من هذا تحذير المشركين ثم تهديدهم .

وصيغة قصر البغي على الكون مُضراً بهم كما هو مفاد حرف الاستعلاء تنبيه على حقيقة واقعية وموعظة لهم ليعلموا أن التحذير من الشرك والتهديد عليه لرعي صلاحهم لا لأنهم يضرونه كقوله : { ولا تضروه شيئاً } [ التوبة : 39 ] . فمعنى ( على ) الاستعلاء المجازي المكنَّى به عن الإضرار لأن المستعلي الغالب يضر بالمغلوب المستعلَى عليه ، ولذلك يكثر أن يقولوا : هذا الشيء عليك ، وفي ضده : هذا الشيء لك ، كقوله : { من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها } [ فصلت : 46 ] . ويقول المقر : لك عليّ كذا . وقال توبة بن الحمير :

وقد زعمت ليلى بأني فاجر *** لنفسي تُقاها أو عليها فجورها

وقال السموأل اليهودي :

أليَ الفضل أمْ عليّ إذا حُو *** سِبْتُ أني على الحساب مُقيت

وذلك أن ( على ) تدل على الإلزام والإيجاب ، واللام تدل على الاستحقاق . وفي الحديث : " القرآنُ حجة لك أو عليك " .

فالمراد بالأنفس أنفس الباغين باعتبار التوْزيع بين أفراد معاد ضمير الجماعة المخاطبين في قوله : { بغيكُم } وبين أفراد الأنفس ، كما في قولهم : « ركب القوم دوابَّهم » أي ، ركب كل واحد دابته . فالمعنى إنما بغي كل أحد على نفسه ، لأن الشرك لا يُضر إلا بنفس المشرك باختلال تفكيره وعمله ثم بوقوعه في العذاب .

و { متاع } مرفوع في قراءة الجمهور على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي هو متاعُ الحياة الدنيا . وقَرأه حفص عن عاصم بالنصب على الحال من ( بغيكم ) . ويجوز أن يكون انتصابه على الظرفية للبغي ، لأن البغي مصدر مشتق فهو كالفعل فناب المصدر عن الظرف بإضافته إلى ما فيه معنى المدة . وتوقيت البغي بهذه المدة باعتبار أنه ذكر في معرض الغضب عليهم ، فالمعنى أنه أمهلكم إمهالاً طويلاً فهلاّ تتذكرون ؟ فلا تحسبون الإمهال رضى بفعلكم ولا عجزاً وسيُؤاخذكم به في الآخرة . وفي كلتا القراءتين وجوهٌ غير ما ذكرنا .

والمتاع : ما ينتفع به انتفاعاً غير دائم . وقد تقدم عند قوله تعالى : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } في سورة [ الأعراف : 24 ] . والمعنى على كلتا القراءتين واحد ، أي أمهلناكم على إشراككم مدة الحياة لا غير ثم نؤاخذكم على بغيكم عند مرجعكم إلينا .

وجملة : ثم إلينا مرجعكم } عطفت ب ( ثم ) لإفادة التراخي الرتبي لأن مضمون هذه الجملة أصرح تهديداً من مضمون جملة { إنما بغيكم على أنفسكم } .

وتقديم المجرور في قوله : { إلينا مرجعكم } لإفادة الاختصاص ، أي ترجعون إلينا لا إلى غيرنا تنزيلاً للمخاطبين منزلة من يظن أنه يرجع إلى غير الله لأن حالهم في التكذيب بآياته والإعراض عن عبادته إلى عبادة الأصنام كحال من يظن أنه يحشر إلى الأصنام وإن كان المشركون ينكرون البعث من أصله .

وتفريع { فننبئكم } على جملة : { إلينا مرجعكم } تفريع وعيد على تهديد . واستعمل الإنباء كناية عن الجزاء لأن الإنباء يستلزم العلم بأعمالهم السيئة ، والقادر إذا علم بسوء صنيع عبده لا يمنعه من عقابه مانع . وفي ذكر { كنتم } والفعل المضارع دلالة على تكرر عملهم وتمكنه منهم . والوعيد الذي جاءت به هذه الآية وإن كان في شأن أعظم البغي فكان لكل آت من البغي بنصيب حظاً من هذا الوعيد .