الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

{ فلما أنجاهم إذا هم يبعثون في الأرض }[ 23 ، والفلك تذكر ، وتؤنث ، وتكون واحدا وجمعا{[30746]} ( فمن جعلهما جمعا ){[30747]} جعل واحدهما فلكا كوُثْن ووثَن{[30748]} .

وقوله : { إذا كنتم } ، ثم قال : { وجرين } فهذا من الرجوع من المخاطبة إلى الإخبار ، ثم قال إخبارا عن فعلهم :

{ فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق }[ 23 ] أي : يكفرون ، ويعملون بالمعاصي على ظهر الأرض{[30749]} .

وأصل النجاء : البعد من المكروه ومنه الاستنجاء ، لأن الإنسان يبعد به عن نفسه الأذى .

ثم قال تعالى : { يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم }[ 23 ] :

أي{[30750]} : عليها يرجع{[30751]} . وإياها تظلمون . وهذا{[30752]} الذي أنتم فيه متاع الحياة الدنيا{[30753]} .

والبغي في اللغة : التطارح في الفساد{[30754]} .

ومن قرأ { متاع } بالرفع{[30755]} احتمل أن يكون خبر بغيكم{[30756]} ، ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف ، وتكون{[30757]} { على أنفسكم } خبر بغيكم{[30758]} . وتقدير ذلك ( متاع الحياة الدنيا ) أو{[30759]} ( هو متاع الحياة الدنيا{[30760]} ، وبين{[30761]} الرفعين فرق{[30762]} : وذلك{[30763]} أنك إذا رفعت ( متاع ) على أنه خبر ( بغيكم ) كان المعنى : إنما بغي بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا مثل : { فسلموا على أنفسكم }{[30764]} ، و{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم }[ 129 ]{[30765]} .

وإذا رفعت ( المتاع ) على إضمار مبتدأ ، وجعلت ( على أنفسكم ) خبر بغيكم كان المعنى : إنما فسادكم راجع عليكم مثل : { وإن أسأتم فلها }[ 7 ]{[30766]} وهو معنى قراءةن قرأ بالنصب{[30767]} . ويكون النصب على المصدر ، أي : تمتعون متاع الحياة الدنيا{[30768]} .

{ ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون }[ 23 ] : أي : إلينا ترجعون في الآخرة ، فنخبركم بعملكم ، ونجازيكم عليه{[30769]} .

{ بغير الحق } : وقف{[30770]} . { على أنفسكم }( وقف ){[30771]} ، إن جعلت { متاع الحياة الدنيا }[ 23 ] منصوبا ، ( أ ) ومرفوعا على إضمار مبتدأ{[30772]} .


[30746]:ا انظر: معاني الفراء 1/460، وانظر اللسان: فلك.
[30747]:ما بين القوسين سقط من ق.
[30748]:انظر هذا التوجيه في: الكتاب 3/591، واللسان: وثن.
[30749]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/5
[30750]:ساقط من ط.
[30751]:ط: يرفع.
[30752]:ق: وهو.
[30753]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/53.
[30754]:انظر: معاني الزجاج 3/14، واللسان: بغا.
[30755]:وهي قراءة جمهور القراء إلا حفص فإنه قرأها بالنصب. انظر: السبعة 325، والمبسوط 233، والحجة 330، والتيسير 121، والكشف 1/516، وإعراب مكي 1/377 والنشر 2/283.
[30756]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/54، وإعراب النحاس 2/250.
[30757]:ط: ويكون.
[30758]:انظر هذا الإعراب في: القطع 375، وإعراب العكبري 2/670.
[30759]:ط: وهو.
[30760]:انظر هذا التوجيه في: القطع 375.
[30761]:ق: وبين.
[30762]:ق: فوق.
[30763]:ق: وكذلك.
[30764]:النور: 59.
[30765]:التوبة: 129 وانظر: إعراب النحاس 2/250، والكشف 1/516، وإعراب مكي 1/378.
[30766]:الإسراء: 7 وانظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/14، وإعراب النحاس.
[30767]:2/215، والكشف 1/516، وإعراب مكي 1/377. هي قراءة جمهور القراء سوى حفص، انظر، هامش القراءة السابقة.
[30768]:انظر هذا الإعراب في: إعراب النحاس: 2/250.3
[30769]:وهو تفسير الطبري في جامع البيان 15/54.
[30770]:انظر هذا الوقف تاما في: القطع 374، والمكتفى 305، والمقصد:43.
[30771]:ساقطة من ق.
[30772]:انظر هذا التوجيه في: المقصد 43، وفيه: أنه ليس بوقف من قرأ بالرفع، وجعل (متاع) خير بغيكم. وهو قول يعقوب الذي رجحه النحاس في: القطع 375. وحسن الوقف لمن قرأ بالنصب عند الأنباري في: الإيضاح 2/705.