مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

{ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُم يَبْغُونَ فِى الأرض } يفسدون فيها { بِغَيْرِ الحق } باطلاً أي مبطلين { ياأيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ } أي ظلمكم يرجع إليكم كقوله { مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا } [ فصلت : 46 ] { مَّتَاعَ الحياة الدنيا } حفص أي تتمتعون متاع الحياة الدنيا { وعلى أنفسكم } خبر ل { بغيكم } . غيره بالرفع على أنه خبر { بغيكم } و { على أنفسكم } صلته كقوله { فبغى عليهم } ) القصص : 76 ) ومعناه إنما بغيكم على أمثالكم ، أو هو خبر و { متاع } خبر بعد خبر أو { متاع } خبر مبتدأ مضمر أي هو متاع الحياة الدنيا ، وفي الحديث « أسرع الخير ثواباً صلة الرحم ، وأعجل الشر عقاباً البغي واليمين الفاجرة » ورُوي « ثنتان يعجلهما الله في الدنيا البغي وعقوق الوالدين » وعن ابن عباس رضي الله عنهما : لو بغى جبل على جبل لدك الباغي وعن محمد بن كعب : ثلاث من كن فيه كن عليه : البغي والنكث والمكر . قال الله تعالى : { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ وَمِنْ نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ } [ الفتح : 10 ] { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فنخبركم به ونجازيكم عليه