التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

قوله : { فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق } { إذا } ، الفجائية . و { يبغون } من البغي وهو العدوان ومجاوزة الحد والسعي بالفساد{[1960]} ؛ أي لما استجاب الله دعاءهم فأنقذهم مما هم فيه من البلاء المحدق إذا هم يسعون في الأرض بالفساد ، فيعودون إلى الشرك وتقديس الأصنام وفعل المعاصي والسيئات { بغير الحق } مبالغة في إظهار فسقهم وعتوهم وعنادهم .

قوله : { يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم } { بغيكم } ، مبتدأ . و { على أنفسكم } خبره{[1961]} ؛ أي أن اعتداءكم وفسادكم في الأرض إنما وباله عائد عليكم وحائق بكم .

قوله : { متاع الحياة الدنيا } { متاع } ، منصوب من وجهين ، أحدهما : أن يكون منصوبا بفعل مقدر ، وتقديره : يبتغون متاع الحياة الدنيا .

وثانيهما : أن يكون منصوبا على المصدر بفعل مقدر . وتقديره : تمتعوا متاع الحياة الدنيا .

ويجوز فيه الرفع ، من وجهين كذلك ، أحدهما : أن يكون خبرا بعد خبر لقوله : { بغيكم } .

وثانيهما : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره : هو متاع الحياة الدنيا{[1962]} . وقيل غير ذلك .

قوله : { ثم إلينا مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون } ثم معادكم بعد هذا المتاع إلى الله ؛ إذ تصيرون إليه لتناقشوا الحساب والمساءلة عما أفضتم فيه من تفريط ونسيان . وحينئذ يخبركم الله بكل ما قدمتموه من المعاصي في دنياكم فيجازيكم عليها . وفي ذلك وعيد شديد وتهديد مفزع ينذر به الله الجاحدين المفرطين الذين يتبعون الشهوات في حياتهم الدنيا ، ويتيهون ساردين في الضلال والغفلة{[1963]} .


[1960]:المعجم الوسيط جـ 1 ص 64.
[1961]:البيان لاين الأنباري جـ 1 ص 409.
[1962]:البيان لابن الأنباري جـ 1 ص 409، 410.
[1963]:فتح القدير جـ 2 ص 234- 236 والبيضاوي ص 276 والنسفي جـ 2 ص 158 وتفسير الطبري جـ 11 ص 70- 72.