المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

52- وسيكون يوم يبعثكم الله فيه من قبوركم فتبعثون حامدين ربكم على كمال قدرته وتظنون أنكم ما لبثتم في قبوركم إلا زمناً قليلا ، تستقصرون المدة الطويلة في جنب ما أنتم قادمون عليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

40

ثم يرسم مشهدا سريعا لذلك اليوم :

( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ، وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) . .

وهو مشهد يصور أولئك المكذبين بالبعث المنكرين له ، وقد قاموا يلبون دعوة الداعي ، وألسنتهم تلهج بحمد الله . ليس لهم سوى هذه الكلمة من قول ولا جواب !

وهو جواب عجيب ممن كانوا ينكرون اليوم كله وينكرون الله ، فلا يكون لهم جواب إلا أن يقولوا : الحمد لله . الحمد لله !

ويومئذ تنطوي الحياة الدنيا كما ينطوي الظل : ( وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) .

وتصوير الشعور بالدنيا على هذا النحو يصغر من قيمتها في نفوس المخاطبين ، فإذا هي قصيرة قصيرة ، لا يبقى من ظلالها في النفس وصورها في الحس ، إلا أنها لمحة مرت وعهد زال وظل تحول ، ومتاع قليل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

و{ يوم يدعوكم } بدل من الضمير المستتر في { يكون } من قوله : { أن يكون قريباً } . وفتحته فتحة بناء لأنه أضيف إلى الجملة الفعلية .

ويجوز أن يكون ظرفاً ل { يكون } ، أي يكون يوم يدعوكم ، وفتحته فتحة نصب على الظرفية .

والدعاء يجوز أن يحمل على حقيقته ، أي دعاء الله الناس بواسطة الملائكة الذين يسوقون الناس إلى المحشر .

ويجوز أن يحمل على الأمر التكويني بإحيائهم ، فأطلق عليه الدعاء لأن الدعاء يستلزم إحياء المدعو وحصول حضوره ، فهو مجاز في الإحياء والتسخير لحضور الحساب .

والاستجابة مستعارة لمطاوعة معنى { يدعوكم } ، أي فتحيون وتمثلون للحساب . أي يدعوكم وأنتم عظام ورفات . وليس للعظام والرفات إدراك واستماع ولا ثم استجابة لأنها فرع السماع وإنما هو تصوير لسرعة الإحياء والإحضار وسرعة الانبعاث والحضور للحساب بحيث يحصل ذلك كحصول استماع الدعوة واستجابتها في أنه لا معالجة في تحصيله وحصوله ولا ريث ولا بطْء في زمانه .

وضمائر الخطاب على هذا خطاب للكفار القائلين { من يعيدنا } والقائلين { متى هو } .

والباء في { بحمده } للملابسة ، فهي في معنى الحال ، أي حامدين ، فهم إذا بعثوا خلق فيهم إدراك الحقائق فعلموا أن الحق لله .

ويجوز أن يكون { بحمده } متعلقاً بمحذوف على أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والتقدير : انطق بحمده ، كما يقال : باسم الله ، أي ابتدىء ، وكما يقال للمعرس : باليمن والبركة ، أي احمد الله على ظهور صدق ما أنبأتكم به ، ويكون اعتراضاً بين المتعاطفات .

وقيل : إن قوله : { يوم يدعوكم } استئناف كلام خطاب للمؤمنين فيكون { يوم يدعوكم } متعلقاً بفعل محذوف ، أي اذكروا يوم يدعوكم . والحمد على هذا الوجه محمول على حقيقته ، أي تستجيبون حامدين الله على ما منحكم من الإيمان وعلى ما أعد لكم مما تشاهدون حين انبعاثكم من دلائل الكرامة والإقبال .

وأما جملة { وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً } فهي عطف على { تستجيبون } ، أي وتحسبون أنكم ما لبثتم في الأرض إلا قليلاً . والمراد : التعجيب من هذه الحالة ، ولذلك جاء في بعض آيات أخرى سؤال المولى حين يبعثون عن مدة لبثهم تعجيباً من حالهم ، قال تعالى : { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون } [ المؤمنون : 112 114 ] ، وقال : { فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثتَ قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام } [ البقرة : 259 ] . وهذا التعجيب تنديم للمشركين وتأييد للمؤمنين . والمراد هنا : أنهم ظنوا ظناً خاطئاً ، وهو محل التعجيب . وأما قوله في الآية الأخرى : قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون فمعناه : أنه وإن طال فهو قليل بالنسبة لأيام الله .