الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

وقوله سبحانه : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } [ الإسراء : 52 ] .

بدل من قوله : { قَرِيبًا } [ الإسراء :51 ] .

ويظهر أنْ يكون المعنى «هو يَوْمَ » جواباً لقولهم : «متى هو » ، ويريد يدعوكم من قبوركم بالنفْخ في الصُّور لقيامِ الساعة .

وقوله : { فَتَسْتَجِيبُونَ } [ الإسراء : 52 ] أي : بالقيامِ ، والعودةِ والنهوضِ نَحْوَ الدعوة .

وقوله : { بِحَمْدِهِ } قال ابن جُبَيْر : إِن جميع العالمين يقومُونَ ، وهم يَحْمَدُون اللَّه ويمَجِّدونه ، لما يظهر لهم مِنْ قُدْرته .

( ص ) : أبو البقاء { بِحَمْدِهِ } أي : حامدين ، وقيل : { بِحَمْدِهِ } من قول الرسول ، أي : وذلك بحمد اللَّه على صدْقِ خَبَري ، ووقع في لفظ ( ع ) حين قرر هذا المعنى : «عَسَى أن الساعة قريبةٌ » وهو تركيبٌ لا يجوزُ لا تقولُ : عَسَى أنَّ زيداً قائمٌ انتهى .

وقوله سبحانه : { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } يحتملُ معنيين .

أحدهما : أنهم لَمَّا رجعوا إلى حالة الحياةِ ، وتصرُّف الأجساد ، وقع لهم ظَنٌّ أنهم لم ينفصلوا عن حال الدُّنْيا إِلا قليلاً لمغيبِ عِلْم مقدار الزمان عنهم ، إِذ مَنْ في الآخرة لا يقدِّر زمن الدنيا ، إِذ هم لا محالة أشدُّ مفارقةً لها من النائمين ، وعلى هذا التأويل عوَّل الطبري ، والآخر : أنْ يكون الظنُّ بمعنى اليقينِ ، فكأنه قال : يوم يَدْعُوكم فتستجيبون بَحْمِدِه ، وتتيقنون أنَّكم إِنما لبثتم قليلاً من حيثُ هو منقضٍ منحصرٌ ،

وحكى الطبريُّ عن قتادة أنهم لما رأوا هولَ يوم القيامة ، احتقروا الدُّنْيا ، فظنوا أنهم لبثوا فيها قليلاً .