إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } منصوب بفعل مضمر أي اذكروا ، أو على أنه بدلٌ من قريباً على أنه ظرفٌ أو نُصب بيكونَ تامةً بالاتفاق ، أو ناقصةً عند من يجوّز إعمالَ الناقصة في الظروف ، أو بضمير المصدرِ المستكنِّ في عسى أو يكون ، أعني البعث عند من يجوز إعمالَ ضمير المصدر كما في قول زهير : [ الطويل ]

وما الحربُ إلا ما علمتمْ وذُقتم *** وما هو عنها بالحديث المُرجّمِ{[506]}

فهو ضميرُ المصدر وقد تعلق به ما بعده من الجار { فَتَسْتَجِيبُونَ } أي يوم يبعثكم فتُبعثون ، وقد استُعير لهما الدعاءُ والإجابة إيذاناً بكمال سهولةِ التأتّي وبأن المقصودَ منهما الإحضارُ للمحاسبة والجواب { بِحَمْدِهِ } حال من ضمير تستجيبون أي منقادين له حامدين لما فَعل بكم غيرَ مستعصين ، أو حامدين له تعالى على كمال قدرتِه عند مشاهدة آثارها ومعاينةِ أحكامها { وَتَظُنُّونَ } عطف على تستجيبون أي تظنون عندما ترَوْن من الأمور الهائلة { إِن لَّبِثْتُمْ } أي ما لبثتم في القبور { إِلاَّ قَلِيلاً } كالذي مر على قرية أو ما لبثتم في الدنيا .


[506]:البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 18؛ وخزانة الأدب 3/10؛ والدرر 5/244؛ وشرح شواهد المغني 1/384؛ ولسان العرب (رجم)؛ وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص 262؛ وهمع الهوامع 2/92.