المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

204- وإذا كانت تقوى الله هي الأساس فالخسران لفريق من الناس يختلف الذي تضمره قلوبهم عن الذي تنطق به ألسنتهم ، أوتوا حلاوة في صوغ الكلام ، يعجبك قولهم فيما يحتالون به على جلب المنفعة في الحياة الدنيا ، ويؤيدون لك بزعمهم بأن الله يعلم صدق قلوبهم فيما تقوله ألسنتهم ، وإنهم لأشد الناس خصومة لك وأقساهم عليك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

204

( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ، ويشهد الله على ما في قلبه ، وهو ألد الخصام . وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ، والله لا يحب الفساد . وإذا قيل له : اتق الله أخذته العزة بالإثم ، فحسبه جهنم ولبئس المهاد . . ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ، والله رؤوف بالعباد ) . .

هذه اللمسات العجيبة من الريشة المبدعة في رسم ملامح النفوس ، تشي بذاتها بأن مصدر هذا القول المعجز ليس مصدرا بشريا على الإطلاق . فاللمسات البشرية لا تستوعب - في لمسات سريعة كهذه - أعمق خصائص النماذج الإنسانية ، بهذا الوضوح ، وبهذا الشمول .

إن كل كلمة أشبه بخط من خطوط الريشة في رسم الملامح وتحديد السمات . . وسرعان ما ينتفض النموذج المرسوم كائنا حيا ، مميز الشخصية . حتى لتكاد تشير بأصبعك إليه ، وتفرزه من ملايين الأشخاص ، وتقول : هذا هو الذي أراد إليه القرآن ! . . إنها عملية خلق أشبه بعملية الخلق التي تخرج كل لحظة من يد الباريء في عالم الأحياء !

هذا المخلوق الذي يتحدث ، فيصور لك نفسه خلاصة من الخير ، ومن الإخلاص ، ومن التجرد ، ومن الحب ، ومن الترفع ، ومن الرغبة في إفاضة الخير والبر والسعادة والطهارة على الناس . . هذا الذي يعجبك حديثه . تعجبك ذلاقة لسانه ، وتعجبك نبرة صوته ، ويعجبك حديثه عن الخير والبر والصلاح . . ( ويشهد الله على ما في قلبه ) . . زيادة في التأثير والإيحاء ، وتوكيدا للتجرد والإخلاص ، وإظهارا للتقوى وخشية الله . . ( وهو ألد الخصام ) ! تزدحم نفسه باللدد والخصومة ، فلا ظل فيها للود والسماحة ، ولا موضع فيها للحب والخير ، ولا مكان فيها للتجمل والإيثار .

هذا الذي يتناقض ظاهره وباطنه ، ويتنافر مظهره ومخبره . . هذا الذي يتقن الكذب والتمويه والدهان . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ( 204 )

قال السدي : «نزلت في الأخنس بن شريق ، واسمه أبيّ ، والأخنس لقب ، وذلك أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأظهر الإسلام ، وقال : الله يعلم أني صادق ، ثم هرب بعد ذلك ، فمر بقوم من المسلمين ، فأحرق لهم زرعاً ، وقتل حمراً ، فنزلت فيه هذه الآيات » .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : ما ثبت قط أن الأخنس أسلم( {[1915]} ) .

وقال ابن عباس : نزلت في قوم من المنافقين تكلموا في الذين قتلوا في غزوة الرجيع عاصم بن ثابت وخبيب وابن الدثنة وغيرهم قالوا : ويح هؤلاء القوم لا هم قعدوا في بيوتهم ولا أدوا رسالة صاحبهم ، فنزلت هذه الآيات في صفات المنافقين : ثم ذكر المستشهدين في غزوة الرجيع في قوله : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } الآية ، وقال قتادة ومجاهد وجماعة من العلماء : نزلت هذه الآيات في كل مبطن كفر أو نفاق أو كذب أو إضرار وهو يظهر بلسانه خلاف ذلك ، فهي عامة( {[1916]} ) ، وهي تشبه ما ورد في الترمذي أن في بعض كتب الله تعالى : «أن من عباد الله قوماً ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر ، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ، يجترون الدنيا بالدين ، يقول الله تعالى : أبي يغترون وعلي يجترون ؟ حلفت لأسلطن عليهم فتنة تدع الحليم منهم حيران »( {[1917]} ) . ومعنى { ويشهد الله } أي يقول : الله يعلم أني أقول حقاً ، وقرأ أبو حيوة وابن محيصن «ويشهدُ الله » بإسناد الفعل إلى اسم الجلالة( {[1918]} ) ، المعنى يعجبك قوله والله يعلم منه خلاف ما قال ، والقراءة التي للجماعة أبلغ في ذمه ، لأنه قوى على نفسه التزام الكلام الحسن ثم ظهر من باطنه خلافه ، و { ما في قلبه } مختلف بحسب القراءتين ، فعلى قراءة الجمهور هو الخير الذي يظهر ، أي هو في قلبه بزعمه ، وعلى قراءة ابن محيصن هو الشر الباطن ، وقرأ ابن عباس «والله يشهد على ما في قلبه » وقرأ أبي وابن مسعود «ويستشهد الله على ما في قبله » والألد : الشديد الخصومة الصعب الشكيمة الذي يلوي الحجج في كل جانب ، فيشبه انحرافه المشي في لديدي الوادي( {[1919]} ) ، ومنه لديد الفم ، واللدود ، ويقال منه : لدِدت بكسر العين ألد ، وهو ذم ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم »( {[1920]} ) ، ويقال : لَددته بفتح العين ألُده بضمها إذا غلبته في الخصام ، ومن اللفظة قول الشاعر : [ الخفيف ]

إنَّ تَحْتَ الأَحْجَارِ حَزْماً وَعَزْماً . . . وَخَصيماً أَلَدَّ ذا مِعْلاَقِ( {[1921]} )

و { الخصام } في الآية مصدر خاصم ، وقيل جمع خصم ككلب وكلاب ، فكان الكلام وهو أشد الخصماء والدهم .


[1915]:- اعترض كلامه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" وقال – بعد أن نقل قول ابن عطية: «ما ثبت قط أن الأخنس أسلم. قلت: قد أثبته في الصحابة من تقدم ذكره، ولا مانع أن يسلم ثم يرتد، ثم يرجع إلى الإسلام». انتهى. وأشار بقوله: «من تقدم ذكره»، إلى قوله قبل: ثم أسلم الأخنس فكان من المؤلفة وشهد حنينا. ومات في أول خلافة عمر. ذكره أبو موسى عن ابن شاهين. وذكره ابن فتحويه عن الطبري، وذكر الذهبي في "الزهريات" بسند صحيح، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، «أن أبا سفيان، وأبا جهل، والأخنس اجتمعوا ليلا يسمعون القرآن سرا فذكر القصة، وفيها أن الأخنس أتى أبى سفيان فقال: ما تقول ؟ قال: أعرف وأُنكر، قال أبو سفيان: فما تقول أنت ؟ قال: أُراه الحق انتهى، وفي الأخنس نزل قوله تعالى: [ولا تطع كل حلاف مهين، همّاز مشّاء بنميم] إلى قوله [زنيم] و: [ويل لكلّ همزة لمزة]. وقال ابن زكري – في حاشية البخاري في باب قول الله تعالى: [وهو ألذ الخصام] من كتاب "المظالم" بعد أن ذكر أنها نزلت في الأخنس بن شريق – كان منافقا حلو الكلام، يحلف للنبي صلى الله عليه وسلم أنه مؤمن به، ومحب له فيدني مجلسه فأكذبه الله في ذلك ما نصه، وفي السيرة أنه قتل يوم بدر كافرا وصدَّر ابن عطية بنحو ذلك عن السدي، ثم قال: ما ثبت قط أن الأخنس أسلم، وقد عدَّه صاحب القاموس وتلميذه ابن حجر في الصحابة وأنه أسلم بعد ذلك، وعلى هذا فالآية نزلت في غيره من المنافقين كابن أبي. انتهى، ولقب الأخنس لأنه رجع ببني زهرة من بدر فقيل: خنس الأخنس. والمهم أن كثيرا من المحدثين أثبتوه في الصحابة، ولعله – كما قيل – أسلم ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام، والله أعلم.
[1916]:- يعني أنها علامة في المؤمنين والمنافقين، وذلك يوجب الاحتياط في أمور الدين والدنيا، واستبراء أحوال الناس في المحاكم، وإن كان العمل بالظاهر هو الأمر المسنون، وهذه الآية تناسب في معناها قول الله سابقا: [فمن الناس من يقول ربّنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق] كما أن قوله تعالى: [ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضات الله] تلائم قوله تعالى: [ومن الناس من يقول ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار].
[1917]:- انظر تفسير (ط) رحمه الله، فقد رواه بألفاظ مختلفة، وبتقديم وتأخير، والمعنى واحد.
[1918]:- يشهد لها قراءة ابن عباس، وقول الله تعالى: [والله يشهد أن المنافقين لكاذبون] ويشهد لقراءة الجماعة قراءة أُبي وابن مسعود.
[1919]:- لديدا كلّ شيء جانباه، ومنه: لديدا الوادي، واللّديد واللَّدود: ما يصب في جانبي الفم من الدواء.
[1920]:- رواه البخاري ومسلم.
[1921]:- البيت للمهلهل يذكر امرأته بنت المحلل بن ثعلبة، ورجل مِغلاق إذا كان الرهن يغلق على يديه، والمغلاق أيضا سهم في الميسر أو السهم السابع بمضعف الميسر، والجمع مغاليق ويروى البيت بالعين المهملة، ومنه رجل مِعْلق خصيم يتعلق بالحجج.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

عطف على جملة { فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا } [ البقرة : 200 ] الخ ، لأنه ذكر هنالك حال المشركين الصرحاء الذين لاحظ لهم في الآخرة ، وقابل ذكرهم بذكر المؤمنين الذين لهم رغبة في الحسنة في الدنيا والآخرة ، فانتقل هنا إلى حال فريق آخرين ممن لاحظ لهم في الآخرة وهم متظاهرون بأنهم راغبون فيها ، مع مقابلة حالهم بحال المؤمنين الخالصين الذين يؤثرون الآخرة والحياة الأبدية على الحياة في الدنيا ، وهم المذكورون في قوله : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } [ البقرة : 207 ] .

و ( من ) بمعنى بعض كما في قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله } [ البقرة : 8 ] فهي صالحة للصدق على فريق أو على شخص معين ( ومن ) الموصولة كذلك صالحة لفريق وشخص .

والإعجاب إيجاد العجب في النفس والعجب : انفعال يعرض للنفس عند مشاهدة أمر غير مألوف خفي سببه . ولما كان شأن ما يخفى سببه أن ترغب فيه النفس ، صار العجب مستلزماً للاستحسان فيقال أعجبني الشيء بمعنى أوجب لى استحسانه ، قال الكواشي يقال في الاستحسان : أعجبني كذا ، وفي الإنكار : عجبت من كذا ، فقوله : { يعجبك } أي يحسن عندك قوله .

والمراد من القول هنا ما فيه من دلالته على حاله في الإيمان والنصح للمسلمين ، لأن ذلك هو الذي يهم الرسول ويعجبه ، وليس المراد صفة قوله في فصاحة وبلاغة ؛ إذ لا غرض في ذلك هنا لأن المقصود ما يضاد قوله : وهو ألد الخصام إلى آخره .

والخطاب إما للنبيء صلى الله عليه وسلم أي ومن الناس من يظهر لك ما يعجبك من القول وهو الإيمان وحب الخير والإعراض عن الكفار ، فيكون المراد بِ« مَن » المنافقين ومعظمهم من اليهود ، وفيهم من المشركين أهل يثرب وهذا هو الأظهر عندي ، أو طائفة معينة من المنافقين ، وقيل : أريد به الأخنس بن شريق الثقفي واسمه أبي وكان مولى لبني زهرة من قريش وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم وكان يظهر المودة للنبيء صلى الله عليه وسلم ولم ينضم إلى المشركين في واقعة بدر بل خنس أي تأخر عن الخروج معهم إلى بدر وكان له ثلاثمائة من بني زهرة أحلافه فصدهم عن الانضمام إلى المشركين فقيل : إنه كان يظهر الإسلام وهو منافق ، وقال ابن عطية : لم يثبت أنه أسلم قط ، ولكن كان يظهر الود للرسول فلما انقضت وقعة بدر قيل : إنه حرق زرعاً للمسلمين وقتل حميراً لهم فنزلت فيه هاته الآية ونزلت فيه أيضاً { ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم } [ القلم : 10 ، 11 ] ونزلت فيه { ويل لكل همزة لمزة } [ الهمزة : 1 ] ، وقيل بل كانت بينه وبين قومه ثقيف عداوة فبيتهم ليلاً فأحرق زرعهم وقتل مواشيهم فنزلت فيه الآية وعلى هذا فتقريعه لأنه غدرهم وأفسد .

ويجوز أن الخطاب لغير معين ليعم كل مخاطب تحذيراً للمسلمين من أن تروج عليهم حيل المنافقين وتنبيه لهم إلى استطلاع أحوال الناس وذلك لا بد منه والظرف من قوله { في الحياة الدنيا } يجوز أن يتعلق بيعجبك فيراد بهذا الفريق من الناس المنافقون الذين يظهرون كلمة الإسلام والرغبة فيه على حد قوله تعالى : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } [ البقرة : 14 ] أي إعجابك بقولهم لا يتجاوز الحصول في الحياة الدنيا فإنك في الآخرة تجدهم بحالة لا تعجبك فهو تمهيد لقوله في آخر الآية { فحسبه جهنم } والظرفية المستفادة من ( في ) ظرفيةٌ حقيقية .

ويجوز أن يتعلق بكلمة { قوله } أي كلامه عن شؤون الدنيا من محامد الوفاء في الحلف مع المسلمين والود للنبيء ولا يقول شيئاً في أمور الدين ، فهذا تنبيه على أنه لا يتظاهر بالإسلام فيراد بهذا الأخنس بن شريق .

وحرف ( في ) على هذا الوجه للظرفية المجازية بمعنى عن والتقدير قوله : عن الحياة الدنيا .

ومعنى { يشهد الله على ما في قلبه } أنه يقرن حسن قوله وظاهر تودده بإشهاد الله تعالى على أن ما في قلبه مطابق لما في لفظه ، ومعنى إشهاد الله حلفه بأن الله يعلم إنه لصادق .

وإنما أفاد ما في قلبه معنى المطابقة لقوله لأنه لما أشهد الله حين قال كلاماً حلواً تعين أن يكون مدعياً أن قلبه كلسانه قال تعالى : { يحلفون بالله لكم ليرضوكم } [ التوبة : 62 ] .

ومعنى { وهو ألد الخصام } أنه شديد الخصومة أي العداوة مشتق من لده يلده بفتح اللام لأنه من فعل ، تقول : لددت يا زيد بكسر الدال إذا خاصم ، فهو لاد ولدود فاللدد شدة الخصومة والألد الشديد الخصومة قال الحماسي ربيعة بن مقروم :

وأَلَدَّ ذِي حَنَقٍ عليَّ كَأَنَّما *** تَغْلِي حَرَارَةُ صَدْرِه في مِرْجَلِ

فألد صفة مشبهة وليس اسم تفضيل ، ألا ترى أن مؤنثه جاء على فعلاء فقالوا : لداء وجمعه جاء على فُعْل قال تعالى : { وتنذر به قوماً لداً } [ مريم : 97 ] وحينئذٍ ففي إضافته للخصام إشكال ؛ لأنه يصير معناه شديد الخصام من جهة الخصام فقال في « الكشاف » : إما أن تكون الإضافة على المبالغة فجعل الخصام أَلَد أي نُزِّل خصامه منزلة شخص له خصام فصارا شيئين فصحت الإضافة على طريقة المجاز العقلي ، كأنه قيل : خصامه شديد الخصام كما قالوا : جُنَّ جُنُونُه وقالوا : جَدَّ جَدُّه ، أو الإضافة على معنى في أي وهو شديد الخصام في الخصام أي في حال الخصام ، وقال بعضهم يقدر مبتدأ محذوف بعد { وهو } تقديره : وهو خصامه ألد الخصام وهذا التقدير لا يصح لأن الخصام لا يوصف بالألد فتعيَّن أن يُؤَوَّل بأنه جعل بمنزلة الخصم وحينئذٍ فالتأويل مع عدم التقدير أولى ، وقيل الخصام هنا جمع خَصم كصَعْب وصِعاب وليس هو مصدراً وحينئذٍ تظهر الإضافة أي وهو ألد الناس المخاصمين .