معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

وقوله : { وَيُشْهِدُ اللَّهَ على ما فِي قَلْبِهِ . . . }

كان ذلك رجلا يُعجب النبي صلى الله عليه وسلم حديثُه ، ويُعلمه أنه معه ويحلف على ذلك فيقول : ( الله يعلم ) . فذلك قوله " ويشهِد الله " أي ويستشهِد الله . وقد تقرأ " ويَشْهَدُ اللّهُ " رفع " على ما في قلبِهِ " .

وقوله : { وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . . . }

يقال للرجل : هو ألدّ من قوم لُدّ ، والمرأة لدَّاء ونسوة لُدّ ، وقال الشاعر :

اللدُّ أقرانُ الرجالِ اللُدِّ *** ثم أُرَدِّى بِهِمُ مَنْ يَرْدِى

ويقال : ما كنتَ أَلَدَّ فقد لَدِدْتَ ، وأنت تَلَدّ . فإذا غلبت الرجل في الخصومة ( قلت : لدَدته ) فأنا ألُدّه لَدّاً .

وقول الله تبارك وتعالى : { وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } نُصِبت ، ومنهم من يرفع " ويهلكُ " رَفَع لا يردّه على " لِيفسِد " ولكنه يجعله مردودا على قوله : { ومِن الناسِ من يعجِبك قوله . . . ويهلِك } والوجه الأوّل أحسن .