الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

وقوله تعالى : { وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحياة الدنيا . . . } [ البقرة :204 ] .

قال السُّدِّيُّ : نزلَتْ في الأخْنَسِ بْنِ شريقٍ : أظهر الإِسلام ، ثم هَرَب ، فمرَّ بقومٍ من المسلمين ، فأحرق لهم زرعاً ، وقتل حُمُراً .

قال :( ع ) ما ثبت قطُّ أن الأخنس أسلم ، قُلْتُ : وفي ما قاله : ( ع ) نَظَرٌ ، ولا يلزم من عدم ثبوتِهِ عِنْده ألاَّ يثبت عنْد غيره ، وقد ذكر أحمدُ بن نصرٍ الدَّاوديُّ في تفسيره ، أنَّ هذه الآية نزلَتْ في الأخْنَس بْنِ شريق . انتهى ، وسيأتي للطبريِّ نحوه .

وقال قتادةُ وجماعة : نزلَتْ هذه الآيةُ في كل مُبْطِن كُفْرٍ ، أو نفاقٍ ، أو كذبٍ ، أو ضرارٍ ، وهو يظهر بلسانه خلافَ ذلك ، فهي عامَّة ، ومعنى : { وَيُشْهِدُ الله } ، أي يقول : اللَّه يعلم أنِّي أقول حقًّا ، والأَلَدُّ : الشديدُ الخصومةِ الذي يَلْوِي الحجج في كل جانبٍ ، فيشبه انحرافُه المَشْيَ في لَدِيديِ الوَادِي ، وعنه صلى الله عليه وسلم : ( أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الخَصْمُ ) .