لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ} (204)

أخبر أن قوماً أعرض الحق سبحانه وتعالى عن قلوبهم فأعطاهم في الظاهر بَسْطَةً في اللسان ولكن ربط على قلوبهم أسباب الحرمان ؛ فَهُمْ في غطاء جهلهم ، ليس وراءهم معنى ، ولا على قولهم اعتمادٌ ، ولا على إيمانهم اتِّكَالٌ ، ولا بهم ثقةٌ بوجهٍ .

والإشارة إلى أهل الظاهر الذين لم تساعدهم أنوار البصيرة فهم مربوطون بأحكام الظاهر ؛ لا لهم بهذا الحديث إيمان ، ولا بهذه الجملة استبصار ، فالواجبُ صونُ الأسرار عنهم فإنهم لا يقابِلون هذا الحديث إلا بالإنكار ، وإن أهل الوداعة من العوام الذين في قلوبهم تعظيم لهذه الطريقة ، و لهم إيمان على الجملة بهذا الحديث لأقرب إلى هذه الطريقة من كثيرٍ ممن عدَّ نفسه من الخواص وهو بمعزل عن الإيمان بهذا الأمر .