قوله : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُّعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الآية [ 203 ] :
نزلت هذه الآية في الأخنس( {[6624]} ) بن شريق ، واسم الأخنس أبي ، وأمه ضبيعة عمة عثمان رضي الله عنه ، كان حليفاً( {[6625]} ) لبني زهرة ، وكان قد أتى مع قومه بني زهرة( {[6626]} ) إلى بدر مع المشركين يريدون قتال النبي صلى الله عليه وسلم فلما أتوا الجحفة( {[6627]} ) ، أشار على بني زهرة بترك القتال فأطاعوه ، فأخنس بهم من المشركين ، ورجع فسمي الأخنس( {[6628]} ) فلما بلغ النبي [ عليه السلام ]( {[6629]} ) قوله وما أشار به على بني زهرة عجب من ذلك ، ففيه نزلت : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُّعْجِبُكَ قَوْلُهُ ) الآية . ثم إنه بعد ذلك قدم على النبي [ عليه السلام ]( {[6630]} ) فأظهر المحبة للإسلام ، وحلف أنه ما قدم إلا لذلك ، وأنه صادق في( {[6631]} ) قوله ، فأعجب النبي [ عليه السلام ]( {[6632]} ) منه ذلك وكان يبطن الغش والنفاق ، فلما خرج( {[6633]} ) أفسد زَرْعَ( {[6634]} )/الناس بالنار وأهلك مواشيهم ، فذلك قوله : ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعى فِي الاَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ ) أي : بالنار والنسل( {[6635]} ) . وروي أنه عقر حمراً( {[6636]} ) ، وفيه نزلت : ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ/لُّمَزَةٍ )( {[6637]} ) . وفيه نزلت : ( وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ ) إلى ( الخُرْطُومِ )( {[6638]} ) ، لأنه حلف أنه ما قدم إلا رغبة في الإسلام وأنه صادق في يمينه( {[6639]} ) ، فقال الله عز وجل : ( وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ) أي أنه صادق في قوله( {[6640]} ) .
وقوله : ( أَلَدُّ الخِصَامِ ) [ 204 ] . أي شديد الخصومة .
وقيل : معناه أنه كاذب في قوله( {[6641]} ) .
والخصام مصدر " خاصم " ( {[6642]} ) .
وقال الزجاج والقتبي : " هو جمع خصم . يقال : خصم ، وخصوم وخصام " ( {[6643]} ) .
وعن ابن عباس أنه قال : " نزلت في السرية التي أصيبت للنبي عليه السلام تكلم قوم من المنافقين فيها ، فأخبر الله عن اختلاف سريرتهم وعلانيتهم( {[6644]} ) " .
وقيل : إن الآية عامة في كل منافق أخبر الله أنه يقول بلسانه ما لا يعتقد بقلبه( {[6645]} ) . وقد قال في موضع آخر ، ( وَإِذَا/لَقُوا الذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا )( {[6646]} ) ، وقال : ( وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الاَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ )( {[6647]} ) . فأخبر الله أنه يشهد على ما في قلبه . يريد أنه يقول ما يقول ، ويستشهد بالله أنه صادق في قوله ؛ يقول : الله يشهد أني صادق فيما أقول وهو كاذب( {[6648]} ) . فأخبرنا الله تعالى أنه شديد الخصومة ، وأنه إذا تولى سعى في الأرض بالفساد الذي هو سبب( {[6649]} ) هلاك زرع الناس لأنه إذا أفسد اشتغل بالحرب( {[6650]} ) والقتال عن الزرع ، وإذا لم يكن زرع لم تجد( {[6651]} ) البهائم ما تأكل ، فيذهب النسل/وقوله : ( وَيُشْهِدُ اللَّهَ ) [ 202 ] . أي يقول : اللهم( {[6652]} ) إنك تشهد أني صادق : " وهو كاذب( {[6653]} ) " . وقرأ ابن( {[6654]} ) محيصن : " ويَشْهَدُ اللهُ بفتح( {[6655]} ) الياء ، ورفع الاسم على معنى : [ والله ] يشهد أنه كاذب في قوله( {[6656]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.