المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

7- الذين يحملون العرش من الملائكة والمحيطون به ، ينزِّهون مالك أمرهم ومربيهم عن كل نقص تنزيهاً مقترناً بالثناء عليه ، ويؤمنون به ويطلبون المغفرة للمؤمنين قائلين : ربنا وسعت رحمتك كل شيء ، وأحاط علمك بكل شيء ، فاصفح عن سيئات الذين رجعوا إليك واتبعوا طريقك ، وجَنِّبْهُم عذاب الجحيم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

ويتصل بتلك الحقيقة الأولى أن حملة العرش ومن حوله - وهم من بين القوى المؤمنة في هذا الوجود - يذكرون المؤمنين من البشر عند ربهم ، ويستغفرون لهم ، ويستنجزون وعد الله إياهم ؛ بحكم رابطة الإيمان بينهم وبين المؤمنين :

( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ، ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا . ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ، وقهم عذاب الجحيم . ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ؛ إنك أنت العزيز الحكيم . وقهم السيئات - ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته - وذلك هو الفوز العظيم ) . .

ونحن لا نعرف ما هو العرش ? ولا نملك صورة له ، ولا نعرف كيف يحمله حملته ، ولا كيف يكون من حوله ، حوله ؛ ولا جدوى من الجري وراء صور ليس من طبيعة الإدراك البشري أن يلم بها ، ولا من

الجدل حول غيبيات لم يطلع الله أحداً من المتجادلين عليها ؛ وكل ما يتصل بالحقيقة التي يقررها سياق السورة أن عباداً مقربين من الله ، ( يسبحون بحمد ربهم ) . ( ويؤمنون به ) . . وينص القرآن على إيمانهم - وهو مفهوم بداهة - ليشير إلى الصلة التي تربطهم بالمؤمنين من البشر . . هؤلاء العباد المقربون يتوجهون بعد تسبيح الله إلى الدعاء للمؤمنين من الناس بخير ما يدعو به مؤمن لمؤمن .

وهم يبدأون دعاءهم بأدب يعلمنا كيف يكون أدب الدعاء والسؤال . يقولون :

( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ) . .

يقدمون بين يدي الدعاء بأنهم - في طلب الرحمة للناس - إنما يستمدون من رحمة الله التي وسعت كل شيء ويحيلون إلى علم الله الذي وسع كل شيء ؛ وأنهم لا يقدمون بين يدي الله بشيء ؛ إنما هي رحمته وعلمه منهما يستمدون وإليهما يلجأون :

( فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ) . .

وتلتقي هذه الإشارة إلى المغفرة والتوبة بمطلع السورة ، وبصفة الله هناك : ( غافر الذنب وقابل التوب ) . . كما تلتقي الإشارة إلى عذاب الجحيم ، بصفة الله : ( شديد العقاب ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

{ الذين يحملون العرش ومن حوله } الكروبيون أعلى طبقات الملائكة وأولهم وجودا وحملهم إياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له ، أو كناية عن قربهم من ذي العرش ومكانتهم عنده وتوسطهم في نفاذ أمره . { يسبحون بحمد ربهم } يذكرون الله بمجامع الثناء من صفات الجلال والإكرام ، وجعل التسبيح أصلا والحمد حالا لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح أصلا . { ويؤمنون به } أخبر عنهم بالإيمان إظهارا لفضله وتعظيما لأهله ومساق الآية لذلك كما صرح به بقوله : { ويستغفرون للذين آمنوا } وإشعارا بأن حملة العرش وسكان الفرش في معرفته سواء ردا على المجسمة واستغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة وإلهامهم ما يوجب المغفرة ، وفيه تنبيه على أن المشاركة في الإيمان توجب النصح والشفقة وإن تخالفت الأجناس لأنها أقوى المناسبات كما قال تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } . { ربنا } أي يقولون { ربنا } وهو بيان ل { يستغفرون } أو حال .

{ وسعت كل شيء رحمة وعلما } أي وسعت رحمتك وعلمك فأزيل عن أصله للإغراق في وصفه بالرحمة والعلم والمبالغة في عمومها ، وتقديم الرحمة لأنها المقصودة بالذات ها هنا . { فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } للذين علمت منهم التوبة واتباع سبيل الحق . { وقهم عذاب الجحيم } واحفظهم عنه وهو تصريح بعد إشعار للتأكيد والدلالة على شدة العذاب .