المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَٰلِكِينَ} (85)

85- وتوالت الأيام ويعقوب مسترسل في لوعته ، وخشي أبناؤه سوء العاقبة ، فاتجهوا إلى مراجعته وحمله على التخفيف من شدة حزنه ، وقالوا له - وهم بين الإشفاق عليه والغيظ من دوام ذكره ليوسف - : لئن لم تخفف عن نفسك لتزيدن ذكرى يوسف آلامك وأوجاعك ، إلى أن يذيبك الغم فتشرف على الموت ، أو تصبح في عداد الميتين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَٰلِكِينَ} (85)

ويبلغ الحقد بقلوب بنيه ألا يرحموا ما به ، وأن يلسع قلوبهم حنينه ليوسف وحزنه عليه ذلك الحزن الكامد الكظيم ، فلا يسرون عنه ، ولا يعزونه ، ولا يعللونه بالرجاء ، بل يريدون ليطمسوا في قلبه الشعاع الأخير :

( قالوا : تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ! ) .

وهي كلمة حانقة مستنكرة . تالله تظل تذكر يوسف ، ويهدك الحزن عليه ، حتى تذوب حزنا أو تهلك أسى بلا جدوى . فيوسف ميئوس منه قد ذهب ولن يعود !

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَٰلِكِينَ} (85)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قالوا}، أي قال بنوه يعيرونه: {تالله تفتؤا}، يعني والله ما تزال {تذكر يوسف حتى تكون حرضا}، يعني الدنف، {أو تكون من الهالكين} يعني الميتين...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره: قال ولد يعقوب الذين انصرفوا إليه من مصر له حين قال "يا أسَفَا على يُوسُفَ": تالله لا تزال تذكر يوسف... لا تفتر من حبه...

وقوله: "حتى تَكُونَ حَرَضا "يقول: حتى تكون دنف الجسم، مخبول العقل. وأصل الحرض: الفساد في الجسم والعقل من الحزن أو العشق... عن ابن عباس، قوله: "حتى تَكُونَ حَرَضا" يعني: الجهد في المرض البالي...

عن مجاهد: "حتى تَكُونَ حَرَضا" قال: الحرض: ما دون الموت...

وقوله: "أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ" يقول: أو تكون ممن هلك بالموت...

عن مجاهد: "أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ": من الميتين...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي لا تزال تذكر يوسف، ولا تنسى ذكره، حتى تسلو من حزنك، كأنهم دعوه إلى السلو من حزنه؛ لأنه بالذكر يتجدد الحزن، ويحدث...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وإنما قالوا هذا القول إشفاقا عليه وكفا له عن البكاء أي لاتزال تذكر يوسف بالحزن والبكاء عليه حتى تصير بذلك إلى مرض لا تنتفع بنفسك معه، لأنه كان قد أشفى على ذهاب بصره وفساد جسمه، أو تموت بالغم...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و «الحرض»: الذي قد نهكه الهرم أو الحب أو الحزن إلى حال فساد الأعضاء والبدن والحس...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فلما رأوا أنه قد فاتهم ما ظنوا أنه يكون بعد ذهاب يوسف من صلاح الحال مع أبيهم بقصر الإقبال عليهم، ووقع لأبيهم هذا الفادح العظيم، تشوف السامع إلى قولهم له، فاستأنف الإخبار عنه بقوله: {قالوا} أي حنقاً من ذلك {تالله} أي الملك الأعظم، يميناً فيها تعجب {تفتؤا} أي ما تزال {تذكر يوسف} حريصاً على ذكره قوياً عليه حرص الفتى الشاب الجلد الصبور على مراده {حتى} أي إلى أن {تكون حرضاً} أي حاضر الهلاك مشرفاً عليه متهيئاً له بدنف الجسم وخبل العقل -كما مضى بيانه في الأنفال عند {حرض المؤمنين على القتال} {أو تكون} أي كوناً لازماً هو كالجبلة {من الهالكين}...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويبلغ الحقد بقلوب بنيه ألا يرحموا ما به، وأن يلسع قلوبهم حنينه ليوسف وحزنه عليه ذلك الحزن الكامد الكظيم، فلا يسرون عنه، ولا يعزونه، ولا يعللونه بالرجاء، بل يريدون ليطمسوا في قلبه الشعاع الأخير: (قالوا: تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين!). وهي كلمة حانقة مستنكرة. تالله تظل تذكر يوسف، ويهدك الحزن عليه، حتى تذوب حزنا أو تهلك أسى بلا جدوى. فيوسف ميؤوس منه قد ذهب ولن يعود!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجواب القسم هو {تفتأ تذكر يوسف} باعتبار ما بعده من الغاية، لأن المقصود من هذا اليمين الإشفاق عليه بأنه صائر إلى الهلاك بسبب عدم تناسيه مصيبة يوسف عليه السلام وليس المقصود تحقيق أنه لا ينقطع عن تذكر يوسف. وجواب القسم هنا فيه حرف النفي مقدر بقرينة عدم قرنه بنون التوكيد لأنه لو كان مثبتاً لوجب قرنه بنون التوكيد فحذف حرف النفي هنا...

قوله: {يا أسفى على يوسف} تعريض بدعاء الله أن يزيل أسفه بردّ يوسف عليه السلام إليه لأنه كان يعلم أن يوسف لم يهلك ولكنه بأرض غربة مجهولة، وعلم ذلك بوحي أو بفراسة صادقة...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

كانت الإجابة غير مخففة لآلامه، بل كانت مؤججة لها، كانت إجابة من لا يهتم بالأمر في ذاته، والحزين يحتاج إلى من يشاركه في الحزن، لا إلى من يلومه على حزنه، ويل للشجي من الخلي، والحرض هو المريض الذي أشرف على الهلاك أو أذابه الهم والمرض. والمعنى أنهم يؤكدون بالقسم أنه لا يزال يذكر يوسف حتى يؤدي به الأمر أن يكون في مرض دائم مستمر يذيب نفسه، وينتهي بالهلاك لا محالة،،و {أو} هنا بمعنى الواو...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وفوجئ أولاده بحديثه عن يوسف، فقد أصبح شيئاً قديماً جدّاً، وانتهى كحقيقة، لقد أصبح ذكرى ميتةً، فما باله يعيدها إلى الحياة ليربك حياتهم من جديد، وليبعث فيهم عقدة الإحساس بالذنب؟ ولهذا واجهوه بعنف أن يرحم نفسه أو أن يرحمهم، لما اختزنوه من شعورٍ بالألم: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}...