204- وإذا كانت تقوى الله هي الأساس فالخسران لفريق من الناس يختلف الذي تضمره قلوبهم عن الذي تنطق به ألسنتهم ، أوتوا حلاوة في صوغ الكلام ، يعجبك قولهم فيما يحتالون به على جلب المنفعة في الحياة الدنيا ، ويؤيدون لك بزعمهم بأن الله يعلم صدق قلوبهم فيما تقوله ألسنتهم ، وإنهم لأشد الناس خصومة لك وأقساهم عليك .
( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ، ويشهد الله على ما في قلبه ، وهو ألد الخصام . وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ، والله لا يحب الفساد . وإذا قيل له : اتق الله أخذته العزة بالإثم ، فحسبه جهنم ولبئس المهاد . . ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ، والله رؤوف بالعباد ) . .
هذه اللمسات العجيبة من الريشة المبدعة في رسم ملامح النفوس ، تشي بذاتها بأن مصدر هذا القول المعجز ليس مصدرا بشريا على الإطلاق . فاللمسات البشرية لا تستوعب - في لمسات سريعة كهذه - أعمق خصائص النماذج الإنسانية ، بهذا الوضوح ، وبهذا الشمول .
إن كل كلمة أشبه بخط من خطوط الريشة في رسم الملامح وتحديد السمات . . وسرعان ما ينتفض النموذج المرسوم كائنا حيا ، مميز الشخصية . حتى لتكاد تشير بأصبعك إليه ، وتفرزه من ملايين الأشخاص ، وتقول : هذا هو الذي أراد إليه القرآن ! . . إنها عملية خلق أشبه بعملية الخلق التي تخرج كل لحظة من يد الباريء في عالم الأحياء !
هذا المخلوق الذي يتحدث ، فيصور لك نفسه خلاصة من الخير ، ومن الإخلاص ، ومن التجرد ، ومن الحب ، ومن الترفع ، ومن الرغبة في إفاضة الخير والبر والسعادة والطهارة على الناس . . هذا الذي يعجبك حديثه . تعجبك ذلاقة لسانه ، وتعجبك نبرة صوته ، ويعجبك حديثه عن الخير والبر والصلاح . . ( ويشهد الله على ما في قلبه ) . . زيادة في التأثير والإيحاء ، وتوكيدا للتجرد والإخلاص ، وإظهارا للتقوى وخشية الله . . ( وهو ألد الخصام ) ! تزدحم نفسه باللدد والخصومة ، فلا ظل فيها للود والسماحة ، ولا موضع فيها للحب والخير ، ولا مكان فيها للتجمل والإيثار .
هذا الذي يتناقض ظاهره وباطنه ، ويتنافر مظهره ومخبره . . هذا الذي يتقن الكذب والتمويه والدهان . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.