المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

41- وإن أمارات العذاب والهزيمة قائمة ، ألم ينظروا إلي أنّا نأتي الأرض التي قد استولوا عليها ، يأخذها منهم المؤمنون جزءا بعد جزء ؟ وبذلك ننقص عليهم الأرض من حولهم ، والله - وحده - هو الذي يحكم بالنصر أو الهزيمة ، والثواب أو العقاب ، ولا راد لحكمه ، وحسابه سريع في وقته ، فلا يحتاج الفصل إلي وقت طويل ، لأن عنده علم كل شيء ، فالبينات قائمة{[104]} .


[104]:تتضمن هذه الآية حقائق وصلت إليها البحوث العلمية الأخيرة إذ ثبت أن سرعة دوران الأرض حول محورها وقوة طردها المركزي يؤديان إلي تفلطح في القطبين وهو نقص في طرفي الأرض، وكذلك عرف أن سرعة انطلاق جزئيات الغازات المغلفة للكرة الأرضية إذا ما جاوزت قوة جاذبية الأرض لها، فإنها تنطلق إلي خارج الكرة الأرضية. وهذا يحدث بصفة مستمرة فتكون الأرض في نقص مستمر لأطرافها، لا أرض أعداء المؤمنين، وهذا احتمال في التفسير تقبله الآية الكريمة.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

ثم قال متوعدا للمكذبين { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قيل بإهلاك المكذبين واستئصال الظالمين ، وقيل : بفتح بلدان المشركين ، ونقصهم في أموالهم وأبدانهم ، وقيل غير ذلك من الأقوال .

والظاهر -والله أعلم- أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها ، ويحل القوارع بأطرافها ، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص ، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد ، ولهذا قال : { وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي .

فهذه الأحكام التي يحكم الله فيها ، توجد في غاية الحكمة والإتقان ، لا خلل فيها ولا نقص ، بل هي مبنية على القسط والعدل والحمد ، فلا يتعقبها أحد ولا سبيل إلى القدح فيها ، بخلاف حكم غيره فإنه قد يوافق الصواب وقد لا يوافقه ، { وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي : فلا يستعجلوا بالعذاب فإن كل ما هو آت فهو قريب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

وقوله : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قال ابن عباس : أو لم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض ؟

وقال في رواية : أو لم يروا إلى القرية تخرب ، حتى يكون العمران في ناحية ؟

وقال مجاهد وعِكْرِمة : { نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قال : خرابها .

وقال الحسن والضحاك : هو ظهور المسلمين على المشركين .

وقال العوفي عن ابن عباس : نقصان أهلها وبركتها .

وقال مجاهد : نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض .

وقال الشعبي : لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حُشُّك ، ولكن تنقص الأنفس والثمرات . وكذا قال عِكْرِمة : لو كانت الأرض تنقص لم تجد مكانا تقعد فيه ، ولكن هو الموت .

وقال ابن عباس في رواية : خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها . وكذا قال مجاهد أيضا : هو موت العلماء .

وفي هذا المعنى روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن عبد العزيز أبي القاسم المصري الواعظ{[15727]} سكن أصبهان ، حدثنا أبو محمد طلحة بن أسد المرئي بدمشق ، أنشدنا أبو بكر الآجري بمكة قال : أنشدنا أحمد بن غزال لنفسه :

الأرض تحيَا إذا ما عَاش عالمها *** مَتَى يمُتْ عَالم منها يمُت طَرفُ

كالأرض تحْيَا إذا ما الغيث حَل بها *** وإن أبى عَاد في أكنافهَا التَّلَفُ

والقول الأول أولى ، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية ، [ وكَفْرًا بعد كَفْر ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى } [ الأحقاف : 27 ] الآية ، وهذا اختيار ابن جرير ، رحمه الله ]{[15728]}


[15727]:- لم أعثر على ترجمته في المخطوط من تاريخ دمشق ولا في المختصر لابن منظور.
[15728]:- زيادة من ت ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

{ أوَلم يروا أنا نأتي الأرض } أرض الكفرة . { ننقصها من أطرافها } بما نفتحه على المسلمين منها . { والله يحكم لا معقّب لحكمه } لا راد له وحقيقته الذي يعقب الشيء بالإبطال ، ومنه قيل لصاحب الحق معقب لأنه يقفو غريمه بالاقتضاء ، والمعنى أنه حكم للإسلام بالإقبال وعلى الكفر بالإدبار وذلك كائن لا يمكن تغييره ، ومحل { لا } مع المنفي النصب على الحال أي يحكم نافذا حكمه . { وهو سريع الحساب } فيحاسبهم عما قليل في الآخرة بعدما عذبهم بالقتل والاجلاء في الدنيا .