ولما وعد الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يريه بعض ما يعده أو يتوفاه قبل ذلك ، بين تعالى آثار حصول تلك المواعيد وعلاماتها قد ظهرت وقويت بقوله تعالى : { أو لم يروا } ، أي : كفار مكة { أنّا نأت الأرض } ، أي : نقصد أرض هؤلاء الكفرة { ننقصها من أطرافها } بما يفتح الله تعالى على المسلمين من ديار الشرك أرضاً بعد أرض حوالي أرضهم ، هذا قول ابن عباس وقتادة وجماعة .
وقال مجاهد : هو خراب الأرض وقبض أهلها . وعن عكرمة قال : هو قبض الناس . وعن الشعبي مثله ، وعطاء وجماعة نقصانها موت العلماء وذهاب الفقهاء ، ويؤيد هذا ما رواه عمرو بن العاص أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا » . وقال الحسن : قال عبد الله بن مسعود : عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله . وقال عليّ : إنما مثل الفقهاء كمثل الأنف إذا قطعت لم تعد . وقال سليمان : لا يزال الناس بخير ما بقي الأوّل حتى يتعلم الآخر ، وإذا هلك الأوّل قبل أن يتعلم الآخر هلك الناس .
وقيل لسعيد بن جبير : ما علامة هلاك الناس ؟ قال : هلاك علمائهم ، ثم أثبت تعالى لنفسه أمراً كلياً فقال : { والله } ، أي : الملك الأعلى . { يحكم } في خلقه بما يريد ؛ لأنه { لا معقب } ، أي : راد ؛ لأنّ التعقيب ردّ الشيء بعد فصله { لحكمه } وقد حكم للإسلام بالإقبال وعلى الكفر بالإدبار ، وذلك كائن لا يمكن تغييره .
تنبيه : محل جملة لا معقب لحكمه النصب على الحال كأنه قيل : والله يحكم نافذاً حكمه كما تقول : جاءني زيد لا عمامة على رأسه ولا قلنسوة تريد حاسراً { وهو } عز وجل مع تمام القدرة { سريع الحساب } فيحاسبهم عما قليل في الآخرة بعدما عذبهم بالقتل والإجلاء في الدنيا . وقال ابن عباس : يريد سريع الانتقام يعني : حسابه للمجازاة بالخير والشرّ ، فمجازاة الكفار بالانتقام منهم ، ومجازاة المؤمنين بإيصال الثواب إليهم ، وقد تقدّم الكلام في معنى سريع الحساب قبل هذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.