تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

ثم قال متوعدا للمكذبين { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قيل بإهلاك المكذبين واستئصال الظالمين ، وقيل : بفتح بلدان المشركين ، ونقصهم في أموالهم وأبدانهم ، وقيل غير ذلك من الأقوال .

والظاهر -والله أعلم- أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها ، ويحل القوارع بأطرافها ، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص ، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد ، ولهذا قال : { وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي .

فهذه الأحكام التي يحكم الله فيها ، توجد في غاية الحكمة والإتقان ، لا خلل فيها ولا نقص ، بل هي مبنية على القسط والعدل والحمد ، فلا يتعقبها أحد ولا سبيل إلى القدح فيها ، بخلاف حكم غيره فإنه قد يوافق الصواب وقد لا يوافقه ، { وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي : فلا يستعجلوا بالعذاب فإن كل ما هو آت فهو قريب .