الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

والضمير في قوله : { أَوَلَمْ يَرَوا } [ الرعد : 41 ] عائد على كفَّار قريش ؛ كالذي في { نَعِدُهُمْ } .

وقوله : { نَأْتِي } : معناه : بالقُدْرة والأمر . و{ الأرض } : يريد بها اسم الجنس ، وقيل : يريد أرض الكفَّار المذكورين ، المعنى : أو لم يروا أنا نأتي أرْضَ هؤلاء بالفَتْح عليك ، فننقصها بمَا يَدْخُلُ في دِينِكَ من القبائلِ والبلادِ المجاورَة لهم ، فما يؤمنهم أنْ نمكِّنك منْهم أيضاً ؛ قاله ابن عباس ، وهذا على أن الآية مدنيَّةٌ ، ومَنْ قال : إِن الأَرْضَ اسم جنسٍ ، جعل انتقاص الأرض بتخريبِ العُمْران الذي يُحِلُّه اللَّه بالكُفَّار ، وقيل : الانتقاص بمَوْت البشر ، ونقْصِ الثمار والبَرَكَةِ ، وقيل : بموتِ العلماءِ والأخيارِ ؛ قاله ابن عباس أيضاً ، وكلُّ ما ذكر يدخل في لفظ الآية ، وجملةُ معنَى هذه الآية : الموعظَةُ وضَرْبُ المثل .

وقال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ في كتاب العلم بسنده عن عطاء بن أبي رَبَاح في معنَى { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قال : بذَهَابِ فقهائها ، وخيار أهلها ، وعن وكيع ونحوه .

وقال الحسن : نقصانُهَا : هو بظهور المسلمين على المُشْركين .

قال أبو عمر : وقول عطاء في تأويل الآية حَسَنٌ جِدًّا ، تلَقَّاه أهل العلْمِ بالقبول ، وقولُ الحسن أيضاً حسن . انتهى .