قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } الآية .
لما وعد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بأن يريد بعض ما وعده أو يتوفاه قبل ذلك ، بين ههنا أن آثار حصول تلك المواعيد وعلاماتها قد ظهرت ، فقال { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } يعني أن أهل مكة الذي يسألون محمداً عليه الصلاة والسلام الآيات { أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } أكثر المفسرين على أن المراد : فتشح ديار الشرك فإن ما زاد من دار الإسلام قد نقص من دار الشرك ؛ لأن المسلمين يستولون على أطراف مكة ويأخذونها من الكفرة قهراً وجبراً ، فانتقاض أحوال الكفرة وازدياد قوة المسلمين من أقوى العلامات على أن الله تبارك وتعالى ينجز وعده فلا يعتبرون بهذا ونظيره قوله تعالى : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ الغالبون } [ الأنبياء : 44 ] وقوله تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ } [ فصلت : 53 ] .
وقال قوم : هو خراب الأرض ، أي : أولم يروا أنا نأتي الأرض فنخربها ، ونهلك أهلها ، أفلا تخافون أن يفعل بكم ذلك ؟ وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً : ننقصها من أطرافها ، المراد موت كبرائها وأشرافها وعلمائها وذهاب الصلحاء . قال الواحدي : " وهذا القول وإن احتمله اللفظ إلا أن اللائق بهذا الموضع هو الوجه الأول ، ويمكن أن يقال : هذا الوجه أيضاً لا يليق بهذا الموضع ؛ لأن قوله { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أنا نحدث في الدنيا من الاختلافات خراب بعد عمارة ، وموت بعد حياة ، وذل بعد عز ، ونقص بعد كمال ، وإذا كانت هذه التغيرات مشاهدة محسوسة فما الذي يؤمنهم أن الله يقلب الأمر على هؤلاء الكفرة ويصيرهم ذليلين بعد عزهم ومقهورين بعد قهرهم ، فناسب هذا الكلام ماقبله " .
قوله : نَنْقُصهَا " حال إما من فاعل " نَأتِي " أو من مفعوله .
وقرأ الضحاك " نُنَقِّصها " بالتضعيف ، عداه بالتضعيف .
قوله : " لا مُعَقِّبَ " جملة حالية ، وهي لازمة . والمعقب : هو الذي يكرّ على الشيء فيبطله ، قال لبيد : [ الكامل ]
3188 . . . . . . . . . . . . . . . . . *** طَلبُ المُعقِّبِ حَقَّهُ المظْلُومُ
والمعنى : والله يحكم لا رادَّ لحكمه . والمعقب : هو الذي يعقبه بالرد والإبطال ومنه قيل لصاحب الحق معقب ؛ لأنه يعقب غريمه بالاقتضاء والطلب كأنه قيل : والله يحكم نافذاً حكمه خالياً عن المدافع والمعارض والمنازع { وَهُوَ سَرِيعُ الحساب } قال ابن عباس رضي الله عنه : الانتقام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.